من نفذ الهجوم في درنة؟.. “أمرٌ دُبّر بليل”
تصاعدت الآراء والتصريحات بعد الهجوم الدموي على منطقة الفتايح بمدينة درنة، واشتعلت صفحات التواصل الاجتماعي، بمنشورات تُندد بما حدث، وتطالب بالقصاص ممن قام بهذا الهجوم المأساوي الذي حصد قُرابة 15 طفلاً وامرأة وإصابة العشرات.
ولكن الهجوم على مدينة درنة، أخد منحًا آخر، بعد أن تضاربت الأنباء حول من يقف وراء هذا الهجوم، فمنها من أشارت إلى أن سلاح الجو المصري هو من نفذ الهجوم، وآخر ذكر أن الجيش الوطني هو من يقف وراءه.
وفي أول تصريح رسمي للقيادة العامة للجيش الوطني، حول ما حدث، نفت قيام سلاح الجو بالغارة الجوية، ووصفت القيادة في بيانها على لسان الناطق الرسمي لها العميد أحمد المسماري، ما حدث، بالهجوم الإرهابي، وأعطت الأوامر بفتح تحقيق في الواقعة، لمعرفة ملابسات الغارة الجوية ومن المتورط بالواقعة.
وفي ذات الحدث الذي أفرز عدة تساؤلات مُثيرة، تأتي الاحتمالات من بابها الواسع، حول الهجوم الإرهابي، والفرضيات والأحداث التي يُمكنها أن تكشف عن المستفيد الأكبر من “فاجعة درنة” وكل ليبيا، وهُنا نبرز هذا الباب الغامض، ونُحاول فتحه، لمعرفة ما حدث وما يتكرر في ليبيا، من غارات جوية “مجهولة الهوية”.
وبداية عن احتمال سلاح الجو المصري، هو الذي من قام بالهجوم، أو الغارة الجوية، فهو يُعتبر احتمالا غير “واقعي” لكون القاهرة تستضيف هذه الأيام اجتماعات لبحث توحيد المؤسسة العسكرية في ليبيا، ويحضره 20 ضابطا يمثلون مختلف المناطق، وهذا يُعتبر “غير منطقي”، في الأعراف الدولية، التي تتبعها الدول في مساعيها لإنجاح أي حوار ليبي، يُحسب لها. ومن غير “المتوقع” أن تكون هناك مساعٍ لتوحيد الجيش في مصر وفي ذات الوقت يقوم سلاح الجو المصري بقصف مدينة درنة.
ويأتي هذا الاحتمال تزامنا، مع إدانة مصر بأشد العبارات قصف درنة، اليوم الثلاثاء.
ومع محاولة فتح الباب بشكل أوسع، تزداد الاحتمالات أكثر تعقيدا، لكون ما حدث في درنة، يختلف عن أي هجوم أو غارة جوية، استهدفت الضحايا المدنين الذين لا ناقة لهم ولا جمل، في أي صراع سياسي أو عسكري، في ليبيا.
ولكن مع هذا كله، لا بأس من استدعاء باقي الاحتمالات، والتي منها أن الغارة الجوية، أو الهجوم الإرهابي، قد تكون الولايات المتحدة الأميركية، هي من نفذته، ولكن حتى مع هذا الاحتمال، لا يُمكن الجزم به، لأن الولايات المتحدة الأمريكية، عادةً ما تُعلن عن غاراتها الجوية التي تنفذها في بعض الدول، ومنها ليبيا، كما حدث في الغارة الجوية على مدينة صبراتة، في منتصف شهر فبراير 2016.
لم تنته الاحتمالات عند هذا الحد من الفرضيات، التي يبحث من خلالها الليبيون، عن القاتل المجهول الذي يتلاعب بأوراحهم ويقتل متى يرغب أطفالهم، دون عقاب. لأنها تنمو مع كل وجع وغصة القلب التي أصبحت تسكن أمهات الضحايا.
وما تبقى منها، يأتي على شكل سؤال أكثر إثارة، مفاده، هل كانت غارةً جوية، أم هجوما تم تنفيذه على الأرض، لا من خلال الجو، بمعنى أكثر توضيحا، أن العملية الإرهابية، تم تنفيذها تزامنا مع تحليق الطيران “المجهول”، ليكتمل المشهد المأساوي، وكأنه قصف جوي.
وهكذا تزاداد الاحتمالات تشعبّا، وإرباكا، في ليبيا، التي تغيب فيها حكومة موحّدة وكيان سياسي لكل الليبيين، تاركة الليبيين لمصيرهم الذي أصبح رهينة “الطيران المجهول”، الذي أصبح علامة تجارية “رخيصة” يدفعها من لا وطن له ولا سيادة.