من سيربح ليبيا ويخسر الانتخابات؟!
حمزة جبودة
تبقّى من الوقت، أربعة أشهر على الانتخابات المُفترضة في ليبيا، أربعة أشهر تفصل رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج والمشير خليفة حفتر، عنها. الرجلان الأكثر حضورا لدى القوى الإقليمية الرافضة والداعمة لهُما على حدٍّ سواء.
الأسئلة الصعبة اقترب موعد طرحها على طاولة الليبيين، من سيُؤمّن الانتخابات القادمة إن حدثت “المُعجزة”؟ ومن سيضمن نتائجها النزيهة؟ ومن سيعترض إن خسِر فيها؟
وتزداد الأسئلة كلّما اقترب موعدها أكثر، وأخطرها.. هل سيمنحُ الجيش الوطني حريةَ الاختيار لليبيين في مناطق نفوذه؟ أم سيفرضُ عليهم التصويت لخليفة حفتر؟ على حساب حريتهم واختيارهم، وماذا لو أراد أحدهم أن يُعطي صوته لأحدهم لمرشح معين مثلا: فائز السراج، وغيره؟ وهل ستسمح الجماعات المسلحة الداعمة للمجلس الرئاسي في مناطق نفوذها، بحرية الاختيار لمن سيُصوّتون؟ مثلا هل ستتركُ من يُريدُ خليفة حفتر أن يخرج ويدعو الناس لإعطاء أصواتهم لمرشحه، في طرابلس في المنطقة الغربية بشكل عام، حقيقةً الأمرُ يزداد تعقيدا، خصوصاً بعد الإجابة “الغريبة” من رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، حين سُئل، كيف ستؤمنون الانتخابات؟ “أجاب كل واحد يؤمن منطقته”!
فرنسا التي كان لها السبق في فكرة الانتخابات في العاشر من ديسمبر القادم، تحاول اليوم لملمة الأمر وحفظ ماء وجهها، ولم تعمل بشكلٍ فعليّ حتى اللحظة على مساعدة الليبيين، واكتفت فقط بجمع “الشتات السياسي” في بيتها. في المقابل إيطاليا الخصم اللدود لفرنسا، تعمل جاهدةً على نسف مقترح الانتخابات في ديسمبر، لأسباب رُبّما تعود لردّة الفعل أو “الغيرة” لكون فرنسا هي من أتت بالمقترح لا دولة أخرى، أو رُبّما بحكم قُربها من المجلس الرئاسي، بعد اللقاءات التي جمعت أحمد معيتيق مع ماتيو سلفيني وزير الداخلية الإيطالي. ولكنّ الأمر ازداد إرباكا بعد المُقترح الذي يقول إن الانتخابات يجب أن تكون منتصف العام القادم، لا نهاية العام الجاري. وهُنا يُمكن لأيّ مؤيد أو مُعارض لها، أن يتلمس التخبّط الذي تُمارسه دول داعمة ورافضة للانتخابات، لأنها ستحسم مرحلة “اللاسلم واللاحرب” وسيخرج الخاسر مطأطأ الرأس، إن لم يكن يملك قوّة قادرة على تغليب القوّة المسلحة على حساب الاستحقاق الوطني.
المفوضية الوطنية للانتخابات، هي الوحيدة التي استطاعت الخروج من أيّ حسابات سياسية، وقاومت حتى الآن الشتات السياسي والوطني في ليبيا، بالحياد والمثابرة، وأنجزت مُهمّتها في ظروف صعبة وقاسية، ودفعت بعدها الثمن باهضا، حين استهدف إرهابييون إحدى مقرّاتها في طرابلس، وأسفر عن سقوط ضحايا.
حكاية الانتخابات الليبية، يجب أن تُكتب على ورق أبيض، بعيدا عن المتورطين في عمليات القتل والتهجير، يجب أن تُصاغ في ليبيا، بيعدا عن مزاجية ماكرون الفرنسي وتعصّب سالفيني الإيطالي، وقبلها على المجلس الرئاسي أن يفهم أن صرف مبلغ 66 مليون و120 ألف دينار ليبي ، لتنفيذ الانتخابات البرلمانية والرئاسية، وفق ما جاء في قرار (1054) ليس حلا للأزمة، بل في إدارتها أولا ومن ثُمّ وضع الآلية الحقيقية لتنفيذها مع “شركائه” أو “خصومه”، وأن يعرف أن المرحلة القادمة ستكون أصعب الرهانات، وعلى المشير حفتر والمجلس الأعلى للدولة ومجلس النواب، أن يستوعبوا أن المرحلة القادمة إن لم تُدرس جيدًا، ويتم الابتعاد عن “المراهقات السياسية” سندخل معًا مرحلة أشدّ فتكًا، وحينها أنتم وحدكم ستحترقون فيها. لأننا تعلّمنا من لُعبتكم السابقة.. لم يعد الوقت كافيًا، قدّموا مُقترحاتكم، أو إن أردتم مُقترحًا جاهزًا، إليكم هذا: تكوين قوة حماية الانتخابات من الجيش الوطني وقوات البنيان المرصوص.. وأعتقد جازما بأنها لن تواجه اعتراضا، لأن هاتين القوتين، ساهمتا في تنظيف البلاد من سطوة الإرهاب، أو لنعتبر هذا المُقترح تكريما لجهود شباب ليبيا الذي سقطوا إكراما لبلدهم.
فكّروا جيدا!