ملتقى إقليمي يُشخّص مأزق المرتزقة في ليبيا ومخاطره على المنطقة
انطلق صباح اليوم في تونس العاصمة، الملتقى الإقليمي بعنوان: “مأزق المرتزقة بليبيا مخاطره على الأمن والسلام الإقليمي”، والذي يتواصل على مدى يومين بحضور شخصيات ليبية ومغربية وبرئاسة الدكتورة بدرة قعلول، رئيسة المركز الدولي للدراسات الاستراتيجية الأمنية والعسكرية بتونس.
وأشارت الدكتورة بدرة، الى متانة العلاقات التونسية الليبية والى أهمية تنظيم هذا الملتقى في وضع إقليمي ودولي متوتر بفعل جائحة كورونا وما خلفته من أوضاع اقتصادية واجتماعية صعبة.
وتحدّثت عن أنّ فيروس الإرهاب والتطّرف والعنف هو أخطر فيروس يمسّ بأمن البشرية ككلّ، لافتة الى أنّ شبح الإرهاب الذي دمّر منطقة الشرق الأوسط وبخاصة العراق وسوريا وها هو اليوم يحوم حول إفريقيا التي باتت مسرحا لتمركز هذه الجماعات المتشددة.
وتابعت أن “الإرهاب وصل الى ليبيا لتصبح بؤرة تصب فيها نفايات هذه الجماعات”، وشددت على خطورة المرتزقة وتهديدهم المباشر لأمن المنطقة. وأضافت: “نطرح اليوم، موضوع المرتزقة في ليبيا هؤلاء المدجّجين بالسلاح لقتل الليبيين بتمويل ليبي تحت العديد من المسميات من أهمها الاتفاقيات، كنت أتابع كلّ حيثيات المباحثات حول التسوية الليبية فلاحظت أن مختلف الأطياف التقدمية الليبية تسعى إلى المصالحة الوطنية لإيقاف النزيف لكنّ الايادي الخارجية الخفية والمحلية المعتاشة على الفتنة بين الليبيين تسعى الى عرقلة كلّ الجهود”.
وتساءلت قعلول: “من هم المرتزقة؟ هل هم الشركات متعددة الجنسيات للقتال؟ هل هم الإرهابيين المشحونين من سوريا والعراق الذين احترفوا قطع الرؤوس؟ هل هم الميليشيات المسلحة التي تهدّد استقرار ليبيا والمنطقة ككلّ؟”
وأردفت، “نطرح اليوم وغدا ملفا حساسا وحارقا يجتمع فيه كل قوى المنطقة من أجل فضح كلّ المتورطين في جلب المرتزقة، الذين قدرتهم الأمم المتحدة لأكثر من 20 ألف مرتزق منهم أكثر من 13 ألف تمّ جلبهم من سوريا والعراق وتوزيعهم في المنطقة”.
توافق على إخراج المرتزقة
بدوره، بيّن عضو اللجنة العسكرية المشتركة “5+5” اللواء خيري خليفة عمر التميمي، أنّه وبعد صراع طويل نجح المبعوث الأممي في وضع الحلول المناسبة لحلّ الأزمة من خلال العمل على عدّة مستويات: الاجتماعية والاقتصادية والأمنية /العسكرية، مؤكّدا على دور لجنة 5+5 في مختلف المفاوضات للتوصل إلى التسوية السياسية، مذكّرا بمخرجات لقاء الغردقة في مصر بزحزحة مسار الحوار بين طرفي النزاع والذي نتج عنه وقف إطلاق النار والدعوة الى إخراج كافة المرتزقة.
وتطرّق اللواء الى أنّ مختلف لقاءات اللجنة كانت في كنف الشفافية والتي أسفرت عن إخلاء سبيل آلاف الموقوفين من الشقيّن وفتح المطارات وعقد اجتماع مع المؤسسة الوطنية للنفط. ولفت اللواء الى أنّ الاجتماعات أثمرت تشكيل حكومة انتقالية تجهّز الأرضية المناسبة لانتخابات ديسمبر 2021 بعد منحها الثقة من الطرفين.
حل ليبي ليبي
من جهته، قال الحبيب بن يحيى، الأمين العام السابق لاتحاد المغرب العربي الليبي، إنّ تونس كان لها في كلّ المناسبات اهتماما بالملف الليبي الذي أُثبت أنّ قوى خارجية تحرّكه.
ولقت بن يحيى الى أنّه وُجِب الإشارة إلى قرارات مجلس الأمن والقرارات الأممية المسجّلة لكنّ الأهم أن يعود القرار في الأخير الى الشعب الليبي والى ضرورة التوصل لحلّ ليبي-ليبي.
وشدّد على أهميّة العمل في إطار مغاربي تونسي ليبي والإسراع لإيجاد حلول أولا ليبية بحتة والسعي لدرء التدخلات الخارجيّة في الشأن الليبي.
وختم بالقول: ” حتى تكون ليبيا دولة قويّة كسابق عهدها لابدّ من أن تنبع الحلول من الداخل الليبي وتغليب المصلحة الوطنية فوق كلّ الاعتبارات”.
وتمّ عرض فيلم وثائقي من إنجاز طاقم المركز الدولي للدراسات الاستراتيجية الأمنية والعسكرية في تونس حول المرتزقة في ليبيا.
خطورة المرتزقة
وتحدّث مدير التوجيه المعنوي بالجيش الوطني، اللواء خالد المحجوب، عن خطورة تواصل تدفّق وجلب المرتزقة الى ليبيا ومخاطر ذلك على الأمن القومي الليبي وأمن المنطقة.
وأشار المحجوب إلى أنّ نجاح المرحلة الانتقالية والمضيّ إلى إجراء الاستحقاق الانتخابي في موعده في ديسمبر المقبل عبر توحيد الجهود هو السبيل الوحيد لإخراج المرتزقة والميليشيات التي تحتلّ الأرض الليبية، متابعا أنّ آلاف المرتزقة متعددي الجنسيات تمّ استخدامهم لأغراض عديدة مقابل مبالغ ماليّة ضخمة ضخّت من دول من مصلحتها استمرار الصراع في ليبيا وتواصل الانقسام لتحقيق مصالحها.
وشدّد على أنّ المرتزقة حالة مؤقتة إن استمرت سيزداد الوضع سوءًا وسيتفاقم على جميع المستويات، داعيا المجتمع الدولي الى تظافر الجهود لمساعدة ليبيا في تجاوز أزمتها الأمنية والاقتصادية والتي تبدأ من إخراج المرتزقة وبسط الأمن وتحقيق الاستقرار وتوحيد مؤسسات الدولة الليبية بعد سنوات من التشتّت والانقسام.
من جانبه، أكّد اللواء أمين إسماعيل المجدوب، عضو بالأكاديمية العليا للدراسات الاستراتيجية والأمنية بالسودان، أنّه من المؤكّد وجود عوامل محليّة وتراكمات موضوعية أدت إلى تفاقم الوضع في ليبيا، لافتا إلى أنّ الوضع النهائي الذي رسمته الثورة الليبية من ناحية عدم قدرتها على بسط سيطرتها الأمنية والعسكرية على كامل التراب الليبي، والقضاء على جيوب المقاومة المحتملة لبقايا نظام القذافي خاصّة في المناطق الصحراوية المتاخمة للسودان والتشاد.
وتطرّق اللواء إلى العوامل المساعدة على تقوية جماعات المرتزقة التي تركزت أساسا على تهريب الأسلحة الليبية الى دارفور مع انهيار نظام القذافي، داعيا إلى ضرورة إحلال السلام كمقدّمة لكي تتجه المنطقة كلّها نحو سلام دائم معتبرا أنّ خروج المرتزقة مقدمة أساسية لذلك.