مكتبة بنغازي.. “صمت مُريب” يهدد الصرح التاريخي
تقرير| 218
مّرت الحرب من مكتبة بنغازي المركزية وتركتها “خرابا وحطاما”، ولم تفرق بين الكتب والخصوم.
وكانت مكتبة تحتوي على أكثر من مليوني كتاب وموسوعة ومخطوطة، معظمها ثمين ونادر. فقد كانت المكتبة مرجعا لكل الطلاب والباحثين في ليبيا وخارجها، كواحدة من أهم المكتبات في شمال أفريقيا
وتوجد في المكتبة كنوز من التراث الديني، وعشرات المخطوطات للصحابة والتابعين، لعلّ أهمها صحيح البخاري المكتوب بخط اليد، والذي يعتبر من النسخ النادرة في العالم. ناهيك عن كتب الطب والتاريخ والسيرة النبوية وغيرها من المخطوطات التي مازالت مجهولة المصادر وبحاجة إلى بحث ودراسة
تم نقل الكتب التي تلف الكثير منها وحُرق، وسُرق، إلى مكتبة الكليات الطبية، ومازالت تستقبل زوّار الأدب والباحثين عن الحقيقة من مصادرها الأم.
فبعد تحرير المدينة، استرجعت المكتبة نحو 1500 مخطوطة، سرقت منها أثناء سيطرة الجماعات الإرهابية على جامعة بنغازي، إلا أن بعضها مازال مفقودا حتى الآن.
أما المبنى القديم، الذي يحمل رمزية كبيرة، كونه يقع في وسط جامعة بنغازي، يعاني الإهمال والتسيّب، ولم تقم الجهات المسؤولة حتى الآن باتخاذ أي خطوة مهمة، لإعادة المكتبة إلى عهدها القديم.
ويشتكي العاملون في هذا الصرح العلمي والتاريخي من خطر ضياع هذه الكنوز النادرة، نتيجة التخزين غير المهني وقلّة معالجة هذه المخطوطات، حتى إن بعضها تلف نتيجة الرطوبة أو الحشرات، في ظل صمت غريب من المسؤولين.
وكانت الجامعة التي تم تأسيسها عام 1955 كأول جامعة حديثة في البلاد، والتي صارت مع الوقت مدينة جامعية تضم العديد من الكليات والمرافق المختلفة، لسخرية القدر أنها استعملت درعا وحصنا، بل مقرًّا، يحتمي فيه الإرهابيون خلف دفات الكتب وداخل المعامل، في مشهد تراجيديّ سيظل محفورا في ذاكرة كل الليبيين.
فهذه المكتبة التي تم إنشاؤها في ثمانينيات القرن الماضي، ليست مجرد مكتبة، بل صرحا وحرمًا فكريا ثقافيا وعلميا شهيرا، ولا ينبغي تركه أو نسيانه، أو جعله في آخر الأولويات.
ويرى متابعون ضرورة أن يكون مشروع إعادة المكتبة على قمّة جداول المسؤولين، فهي رافد مهم لوسائل القضاء على الإرهاب، الذي يسكن العقول والقلوب طويلا، قبل أن ينفجر في وجه المجتمع، ويدمّر كل شيء أمامه، بلا وعي أو فكر.