مقترحات غير قابلة للتطبيق في ليبيا
علي الصراف
بعد أن فشل الليبيون في إجراء الانتخابات الرئاسية في الرابع والعشرين من ديسمبر، فإن هناك من الحلول الأخرى ما قد يمكن أخذه بعين الاعتبار.
سوف يُقال إنها غير قابلة للتطبيق. وسوف أقول: ما هو القابل للتطبيق في ليبيا أصلا؟ فإذا كان لدى الليبيين موعد تم إقراره وتكرار إقراره، منذ عدة أشهر، ثم أصبح غير قابل للتطبيق، فما الذي يمنع من أن نجرب حلولا أخرى. هنا بعضها:
أن يتم إجراء انتخابات رئاسية يترشح لها كل أبناء الشعب الليبي، بدلا من الـ75 مترشحا. فينتخب كل ليبي نفسه. ويعلن الفوز، ويشكك بنتائج انتخابات المترشحين الآخرين.
أن يجري اعتبار المرتزقة هم الجيش الوطني الليبي. وذلك طالما أنه ما من مجموعة مسلحة أخرى، إلا وكان لها ما ترتزق منه. هذا الاقتراح سوف يُرفض على اعتبار أن الجماعات المسلحة المختلفة إنما ترتزق من موارد البلاد. وهذه مصيبة أكبر في الواقع. ويتضح منها أن المرتزقة أوفر كلفة، لأن هناك أحدا ما في الخارج هو الذي يدفع لهم.
أن يتم حل جميع مؤسسات الدولة الليبية، وتكليف لجان خاصة تابعة للأمم المتحدة، بإدارة ثروات ليبيا وتوزيعها بالتساوي على الليبيين. فهذا أوفر من ناحية الفساد. كما أنه يقطع الطريق على تهريب المال إلى تركيا.
أن يتم إنشاء دوري جديد يسمى “كأس العالم الليبي لكرة القدم”، تتنافس فيه القارات الليبية المتنازعة، سعيا إلى تحسين أواصر العلاقات بين الشعوب المتناحرة.
إعلان منطقة طرابلس دولة محايدة مثل سويسرا. لكي تبتعد عن التنازع بين الأقاليم الليبية المختلفة.
بدلا من الصداع الذي يثيره ترشيح سيف الإسلام القذافي لكي يرث لقب “ملك ملوك أفريقيا” من أبيه، فإنه يمكن ترشيحه في الدورة القادمة لمنصب الأمين العام للأمم المتحدة، لكي يصبح “ملك ملوك الكرة الأرضية”.
إعلان ليبيا “دولة ناجحة”. لا داعي لذكر الأسباب.
أن تقوم مفوضية الانتخابات بمنح كل ناخب ليبي استمارة يطعن فيها بنتائج الانتخابات إلى جانب استمارة التصويت. لاختصار الوقت.
إلغاء نتائج الانتخابات قبل إجرائها، طالما أنها سوف تثير الجدل في جميع الأحوال.
تكليف أبرز عشرة متهمين بتبديد المال العام، بتولي مناصب في أكبر البنوك السويسرية، لكي يتاح لليبيين القول: من رأى مصيبة غيره تهون عليه مصيبته.
بيع ليبيا بالمزاد العلني بين دول وشركات العالم. على أن يتم تقسيم العائد على الليبيين بالتساوي. ويبقى من شاء أن يبقى، ويرحل من شاء أن يرحل. التقديرات الأولية التي يمكن أن تقدمها مؤسسة “كريستيز” وهي مؤسسة مزادات عريقة تأسست في العام 1766، ستشير إلى أن العائد يمكن أن يبلغ 8 تريليونات دولار. وهو ما يعني أن كل ليبي سوف يحصل على أكثر من مليون دولار. بلا صداع ولا مشكلات.
تحويل ليبيا إلى مزارع خضراء. فنتازيا كهذه من “الواقع الافتراضي” قد تبدو صعبة التحقيق. ولكن لا يوجد مستحيل أمام “إرادة الشعب الليبي” الذي يستورد البيض من الخارج.
شق نهر صناعي عظيم جديد، لكي ينشغل به الليبيون لعشر سنين بدلا من السنين العشر التي انشغلوا وهم يقطّعون أوردة بلادهم ومواردها.
أن تجري قرعة يانصيب بين كل المترشحين للرئاسة، ليحكم كل واحد منهم عاما كاملا، بدلا من الانتخابات ومخاطرها وتكاليفها والطعن فيها وعدم القبول بنتائجها. قرعة اليانصيب، أقرب الثقافة العامة من “الانتخابات” المستوردة من ثقافات أخرى.
طالما لا يمكن الحصول على فائز من جانب العناية الشعبية، فمن الخير أن تتم دعوة المترشحين إلى اجتماع في قاعة مغلقة، ويُعطى كل واحد منهم رشاشا بتسعين طلقة، ويقال لهم: الوحيد الذي سيخرج حيا، سيكون هو الرئيس المنتخب “من جانب العناية الإلهية”.
أن تتفرغ الأمم المتحدة، وسفراؤها ومبعوثوها ومديرو منظماتها الإقليمية لتسوية الخلافات بين الليبيين. ومن بعد ذلك، يتم تشكيل أمم متحدة خاصة بليبيا لتطبيق ما يتم الاتفاق عليه. وأمم متحدة ثالثة لمعرفة أسباب عدم تطبيق ما تم الاتفاق عليه.
أن ترسل منظمة الصحة العالمية خبراءها إلى ليبيا ليعرفوا لماذا لا توجد في ليبيا مشكلة كورونا. هذه اللجنة سوف تكتشف بعد التحاليل والاختبارات، أن الكورونا التي يعانيها البلد منذ عشر سنوات جعلت “التباعد الاجتماعي” شرطا من شروط البقاء على قيد الحياة.
أن يتم إعداد جوازات سفر جديدة لليبيين، ليس لأن جوازات سفرهم لا تصدر عن سلطات موحدة، بل لأن دول العالم لم تعد تعرف أي ميليشيا ختمت الجواز. ولتحاشي الجدل حول اسم الدولة المقبلة، فإن الجوازات الجديدة يحسن أن يُكتب عليها: “ليبيا سابقا”.
أن يتم تنظيم “دوري كرة قدم سياسي”، تتنافس فيه المدن الليبية مع بعضها. والمدينة التي تفوز بكأس الدوري، هي التي ترشح رئيسا، فيما يكون البرلمان مؤلفا من قادة الفرق المشاركة في الدوري. الجمعية العامة للأمم المتحدة هي التي تقرر من سيكون الحكم في كل مباراة.
أن يتم إجراء أكبر عمليات تبادل سكاني في التاريخ، بحيث يذهب الليبيون إلى السويد، ويأتي السويديون إلى ليبيا. بعد عشر سنوات، ميليشيات صلاح بادي سوف تستولي على ستوكهولم، ويصبح الغرياني هو مفتي أردوغان في مالمو. بينما تصبح ليبيا أكبر مصنع لسيارات فولفو وشاحنات سكانيا وهواتف نوكيا.
أن يتم تعيين مستشارة الأمين العام للأمم المتحدة ستيفاني ويليامز ملكة على ليبيا. فهي على تواصل حسن مع جميع الأطراف. وذلك على عكس كل الأطراف الليبية التي لا تقيم تواصلا مع بعضها. الرد المحتمل على هذا المقترح هو أن الليبيين الذين لم يطيقوا وجود امرأة في منصب وزيرة خارجية، كيف لهم أن يطيقوا وجود امرأة في منصب ملكة.
ولكنْ. الليبيون المخلصون لأنفسهم ولوطنهم يعرفون أنهم يستطيعون وقف المهزلة التي تعصف ببلادهم، وأن هناك مقترحا آخر قابلا للتحقيق بالفعل، هو أن يتم انتخاب رئيس، ولو على دورتين أو ثلاث، حتى يبرز مترشحان يمكن المفاضلة بينهما. وأن يتولى الرئيس سلطته وهو يحظى باعتراف المعارضين قبل المؤيدين، وأن ينتخب الليبيون برلمانا يراقب الرئيس وحكومته، ويدقق في أهلية مشاريعه. وأن تتكرس عائدات البلاد لبناء مدارس ومستشفيات وطرق ومعامل ومزارع، وأن يتحول الشعب الليبي إلى شعب يعمل، وينتج الثروة بدلا من أن ينتظر توزيعها عليه، وهو جالس على الكنبة.