معمر القذافي والمعارضة
حمزة جبودة
مع ذكرى مقتل معمر القذافي، أو ذكرى ثورة فبراير أو الأول من سبتمبر، تتجدد الأسئلة في ليبيا، عن الدولة والدستور والأمن والرفاهية وأشياء أخرى، كانت جزءا أساسيا من مطالب الناس التي خرجت في العام 2011.
هذه الأسئلة ما تزال حاضرةً بقوة في وجدان عموم الليبيين، الذين كانوا يعتقدون أن “المعارضة الليبية” كان لها مشروع عن الدولة، لكنهم تفاجؤوا أنهم أمام مجموعة من المتناحرين، الذين يضربون بعضهم بعضا بالتصريحات والتهم، التي تتراوح بين الخيانة والعمالة.
لم يعترف أي مسؤول في ليبيا، بعد العام 2011 أنه كان جُزءًا من الكارثة التي حلّت في ليبيا، لم يُقدّم أي مسؤول كشف حساب لليبيين، عما قدّمه من مصروفات عن مهامه التي كان يشغلها حين كان في منصبه الرفيع. حتى من ترأسوا المؤسسات التنفيذية والتشريعية، خرجوا من ليبيا، بعد استقالاتهم أو إبعادهم، لم يبقى في ليبيا، إلا أهلها الذين ذاقوا طيلة عقود وما زالوا يذوقون المعاناة.
الأغلبية ما تزال تُعيد ذات الخطاب، وهو أن كل الفشل الذي تعيشه ليبيا، سببه معمر القذافي، وأعتقد أن القذافي سيكون حاضرا إن طالت الأزمة وازدادت تعقيدًا. نتفق أن النظام السابق اعتمد سياسة الرجل الأوحد لا سياسة المؤسسات، ولكن هذا لا يعفينا من المسؤولية الكاملة عن ترِكة الأعوام الماضية، لا يعفينا من التصادم التي سيحدث اليوم أو غدا، حين تتكشف الرؤية أكثر، ونعترف جميعنا أننا لا نملك أي مشروع، أو أي مقترح لبناء الدولة، كل ما اتفقنا عليه، كان لدوافع “جهوية وتاريخية” نخشى إبرازها في كل محاولة حقيقية لمعرفة الأسباب التي أدت إلى الفشل الذريع في صناعة الفوضى والمحاصصة.
قُتل معمر القذافي، وانتهى زمنه، وجاء من بعده، شخوص كانوا في وقتٍ قريب، يتباكون على حال الليبيين مع “قائد الثورة”، وبعد وصولهم إلى الحكم في ليبيا، خرجوا علينا بمقترحات وتصريحات، أثبتت بشكل واضح، أنهم لا يعرفون شيئًا عن الشارع الليبي، ولم يستفيدوا حتى من الدول التي كانوا فيها خلال سنوات “نضالهم”.
ما العيب في الاعتراف، ما هو الخطأ في أن تعترف كل الأجسام السياسية والعسكرية والاجتماعية وغيرها، أنها فشلت ولو في محاولاتها لإصلاح شيء من التركة السابقة؟ هذه الأسئلة مهمة لأنها ستكون رِهانًا قادمًا ولن تنفع “حكاية القذافي” التي تُعاد كل عام، على الرغم من كونها ستكون بمثابة “طوق النجاة” لأي طرف أو مسؤول سابق أو قادم في ليبيا.