مرتبات الليبيين تفوق ميزانية تونس
محمد الحجاج
توضح مقارنة القطاع العام في ليبيا مع دول الجوار سوءَ التخطيط في وضع استراتيجيات صحيحة لمتطلبات سوق العمل ومخرجات التعليم وتنوع مصادر الدخل، وضعف القطاع الخاص في ليبيا.
فعلى سبيل المثال، وفي مقارنةٍ مع الدولة الشقيقة تونس التي يبلغ عدد سكانها 11.5 مليون نسمة بحسب إحصائيات حديثة، بلغ إجمالي موظفي القطاع العام في تونس حتى نهاية ديسمبر 2017 نحو 690 ألف موظف، بينما بلغ إجمالي الذين تقاضوا مرتباتهم من الخزانة العامة في الدولة الليبية عام 2017 أكثر من 1.5 مليون موظف بحسب تقرير ديوان المحاسبة، وهو رقم مرجح للزيادة مع صدور قرارات تعيين جديدة في هذا العام، ما سيؤدي إلى زيادة الإنفاق العام على المرتبات.
وفي حين قدرت السلطات التونسية قيمة الميزانية العامة للدولة بـ14مليار دولار للعام 2019، فإن مرتبات القطاع الحكومي فقط في ليبيا للعام 2018 قدّرت بـ17.5مليار دولار أي تزيد بأكثر من 3مليارات دولار عن ميزانية تونس.
هذه المقارنات تعكس أهمية تنوع مصادر الدخل للدول، إذ تعتمد ليبيا في 95% من تمويل خزانتها العامة على عائدات صادرات النفط، بينما الدولة التونسية تعتمد على قطاعات متنوّعة في اقتصادها، فهي تشجع القطاع الخاص في مجالات السياحة والصناعة وتدعم المشاريع الصغرى والمتوسطة، ويتم عقد لقاءات بين وزارة التشغيل والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة لمواكبة التطورات والاستجابة لمتطلبات سوق العمل، ما يجعل القطاع الخاص التونسي يستقطب 70%من القوة العاملة بحسب إحصائيات رسمية تونسية للعام2017.
وتبين هذه المقارنات غياب التنسيق بين وزارات التخطيط والتعليم والعمل في ليبيا، فقد كانت وزارة العمل قد أصدرت مؤخرا إحصائية للباحثين عن العمل قدّرت عددهم بـ54 ألف باحث وهي إحصائية غير دقيقة؛ لأنها إحصائية تخص الفترة بين يناير حتى آخر سبتمبر فقط، بالإضافة لعدم شمولية كافة المكاتب في البلديات والمدن، إذ تضمن التقرير 64 مكتبا من أصل 105 أعلنت عنهم الوزارة في وقت سابق.
مؤشرات البطالة في البلدين تعدّ متقاربة إذ بلغت البطالة من القوة القادرة على العمل في ليبيا 15% للعام 2018 بحسب إحصائيات رسمية لمكتب شمال أفريقيا التابع للجنة الاقتصادية، وهي نسبة مماثلة لنسبة البطالة في دولة تونس في عام 2018 بحسب مصادر رسمية.
المقارنات السابقة لا تعني أن الاقتصاد التونسي بخير بقدر ما تعكس مؤشرات لحكمة توزيع القدرات البشرية وتدوير القوة العاملة بين القطاعات ومستوى تحسن نمو القطاع الخاص التونسي وحسن التدبير للدولة.
من جهة أخرى فإنّ معدل التضخم في تونس بلغ 7.4 % حتى آخر سبتمبر الماضي، بينما بلغ في ليبيا 9.4 % للفترة ذاتها، بحسب تقارير رسمية في البلدين، أي أن النسبة بين البلدين متقاربة لكن التخطيط الاستراتيجي في تونس شكّل فارقا بين البلدين على مستوى سوق العمل.
تصريحات رسمية من الجانبين ألمحت إلى رغبةٍ في تحسين حجم التبادل التجاري بين البلدين الذي بلغ 800 مليون دينار تونسي بحسب تصريحات رسمية، بينما بلغ التبادل التجاري بين البلدين قبل عام 2011 مليارَي دولار في أحسن الأحوال.