مدرسة قاعدة ويلس الجوية الأمريكية في طرابلس- ليبيا
فكتوريا جيرود (6 مايو 2018)
ترجمة: عمر أبو القاسم الككلي
أثناء وجودنا في طرابلس، بليبيا، كان أفراد القوة الجوية وتابعوهم يعيشون معظم الوقت بمساكن في قاعدة القوة الجوية، ويلس. إلا أن عائلات العاملين في وزارة الخارجية وبعض وكالاتها، أو بشركات النفط الباحثة عن الذهب الأسود، كانت تعيش في مناطق متفرقة من بطرابلس، من مدينة الحدائق إلى جورجنبوبلي [الآن قرقارش] وهي منطقة ساحلية على التخوم الغربية من المدينة. حافلة مدرستي، وهي واحدة من الحافلات التي تأخذ الأطفال الأمريكيين عبر كامل المدينة، تعبر شارع بن عاشور في رحلتها البالغة ثمانية أميال إلى القاعدة بعد استقلالي لها من مدينة الحدائق. مازلت أمتلك نسخة مهلهلة لـ [خريطة] طريق حافلتي المدرسية، ولقد ساعدتني على تحديد بيتي القديم بواسطة القوقل إيرث.
خلال موسم الأمطار، من نوفمبر إلى مارس، تواجه جميع الحافلات احتمال أن تعترضها الغدران في مدينة سوق الجمعة الصغيرة، القريبة من بوابة القاعدة على الطريق الوحيد إلى ويلس. ورغم أن شوارع المدينة كانت معبدة، إلا أنه لم تكن توجد قنوات أو أنظمة صرف. عندما تمطر تنتشر الغدران، ويمكن أن يكون الغدير على الشارع بعمق ثلاثة أقدام في بعض المواقع. الليبيون كانوا يخضونه بسهولة. بينما سيكون العاملون بالقوة الجوية غائصين في الماء إلى ركبهم متسلحين بمضخات الماء عند الحاجة. أخبرني البعض أن المدينة الصغيرة مشبعة برائحة الدباغ بسبب وجود مدبغة هناك، إلا أنني لم أحس بتلك الرائحة أبدا.
كنت في سنتي الدراسية الثامنة عند وصول عائلتي، فانضممت إلى فصل من أربعين طالبا. مدرسة ويلس كان بها فقط 170 طالبا من السنة السابعة إلى الثانية عشرة. كانت المدرسة كلها سنة 1956تضم فقط أربعة مراحل. ثمة اثنا عشر طالبا في الفصل قبل النهائي وخمسة عشر طالبا في الصف الثاني، واثنان وثلاثون طالبا في الصف الأول. نحن الذين في الأسفل كنا الأكثر شهرة إلى حد بعيد، وكنت أنا أُعد عمليا طالبة في الثانوية. أحد المتخرجين أشار إلى أنه لكون المدرسة صغيرة، كانت إمكانية الاختلاط أكبر بين الطلبة، حيث لا يُعامل الطلبة الأصغر كغرباء. في السنة التالية، نحن طلبة الثانوية الجدد كان علينا معاناة إهانات تكريسنا كطلبة جدد. وحسب ما أتذكر، ارتداء ملابس متخلفة كان أحد طقوس هذا التكريس.
كان درس اللغة العربية إلزاميا على كل الطلبة، إلا أن قلة فقط أخذوا الأمر بجدية، خصوصا أولئك الذين أحبوا أن يكونوا ودودين وراغبين في إرضاء المدرس الحاج علي. مازلت قادرة على العد إلى العشرة بالعربية، وتعلمت بضعة تعابير، أتمنى أن تكون صحيحة، من مثل ما عليش (من يهتم)، باهي (حسنا)، أنا نقرا (أنا أقرأ) وبقشيش (حر)*…**
كانت لديَّ فرصة لأرى الفارق بين الأنظمة التعليمية الأمريكية والأوربية. طلبتنا الجدد في الثانوية زاروا ليشيو، مدرسة ثانوية إيطالية في ليبيا. على خلاف حريتنا في اختيار ملابسنا، فإن معظم الأولاد كانوا يرتدون بدلا، بينما ارتدت البنات معطفا أسود طويلا. أخذ الطلبة الإيطاليون دور الأدلاء فقسمونا إلى مجموعات الصغيرة وطافوا بنا فصولا مختلفة.
في فصل الرسم كان الطلبة يستنسخون عرصات رومانية، وهو موضوع مناسب بسبب وجود خرائب [آثار] مدينة لبدة الكبرى الرومانية ومدينة صبراتة بالقرب. وحيث إن معظم طلبتهم درسوا الفرنسية، فقد حاولت عامدة كمبتدئة اختبار قدراتي مع شاب. كانت فرنسيته سليمة، وكنت أتمنى أن يكون لي مثلها. في فصل الفيزياء، الذي كان جميع طلبته ذكورا، طُلب مني أن أضع مسألة جبرية على السبورة. تطوع طالب بحلها فورا، ثم رد لي الجميل***. الجبر، ويمكن القول الرياضيات إجمالا، لم تكن من نقاط قوتي. ناديت كارين، إحدى زميلاتي في الفصل، كي تساعدني. لكننا انحرجنا معا. ضحك طلبة الفصل علينا بطيبة، مبتهجين بإثبات تفوقهم الذكوري ومحدقين ببلاهة بفتاتين أمريكيتين.
الإيطاليون كانوا أفضل أيضا في كرة السلة. ومن وجهة نظري كيافعة، كنت أفترض دائما أنها أكثر الألعاب التي يتفوق فيها الأمريكيون. فريق ثانويتنا كان يلعب مع فريق ليشو سنويا وفي كل مرة كان يتلقى الهزيمة. بالطبع ثانوية ويلس لم يكن لديها منبع مواهب تستمد منه موهوبيها.
* الخطأ واضح، طبعا.
** تغاضينا عن ترجمة بعض الجمل هنا لأنها تحتوي ألفاظا لا تجري في التداول العام.
*** العبارة ساخرة، تقصد أنه لم يضع لها مسألة سهلة كمسألتها.