حياة

مخرجون عرب حصلت أعمالهم على “صدى هوليوودي”

دائمًا ما يقولون إن الفن عابر للزمان والمكان، وفن السينما تحديدًا هو أفضل مثال على هذا القول.

حتى وقتنا هذا؛ ما زالت أفلام كلاسيكية كثيرة موجودة في قلوب وعقول الأجيال المتعاقبة خلف بعضها البعض، بغض النظر عن كونها مصنوعة بأساليب سينمائية عتيقة حتى، مقارنة بأساليب الحاضر.

عند النظر جيدًا إلى تاريخ السينما العربي، سنجد أنه متلاحم مع تاريخ السينما العالمية بشكلٍ ما، ونقاط التقاطع بين كليهما تتجسد في الممثلين، لكن نادرًا ما تتجسد في المخرجين، وهذا من الماضي، فالآن لدينا مخرجون عرب من الطراز الرفيع.

في الواقع، ونظرًا لكون الأفلام العربية تحظى برواج هائل في المهرجانات العالمية منذ زمن، هذا ككل المخرجين العرب؛ لامعين للغاية في هولييود، حتى وإن لم يقوموا بإنتاج أفلام هوليودية في الأساس. حاليًّا السينما العربية تفخر بوجود كوكبة من المخرجين ذوي اللمسة الهوليودية في الأعمال العربية، إنها تلك اللمسة التي أوصلتهم للجوائز العالمية، دون التنازل عن كون العربية هي اللغة الأم لأغلب أعمالهم، والواقع العربي هو السائد في مشاهدهم.

هاني أبو أسعد

مخرجون عرب يتحدثون عن القضية الفلسطينية؟ أجل، “هاني” ببساطة هو أشهرهم.

إنه أهم المخرجين الفلسطينيين الموجودين على الساحة حاليًّا، وما ميزه عن أقرانه هو الاهتمام الشديد بأصالة التجربة السينمائية، لكن في نفس الوقت نقلها الدقيق للواقع الذي تتناوله قصة الفيلم. أبرز أفلامه هو (الجنة)، والذي يقص رحلة رجليْن فلسطينييْن في كفاحٍ مع النفس لتحقيق مأرب أخير ومهمّ للمقاومة كلها، حيث إن هذا المأرب فيه نهاية حياتهما؛ فيه تفجير بقلب إسرائيل.

وبالرغم من كون الفكرة حساسة جدًا بالنسبة لهوليوود، إلا أن الفيلم حصل على “جولدين جلوب” لأفضل فيلم أجنبي، وذلك في دورة الجائزة بعام 2006، كما أنه ترشّح للأوسكار كأفضل فيلم أجنبي خلال العام، واقتنص العديد من الجوائز الأخرى بين كليهما.

آن ماري جاسر

نجمة أخرى تلمع (وما زالت تلمع) في سماء فلسطين. وعند ذكر جملة “مخرجون عرب لامعون- أو بالأحرى مخرجات هنا”، نأتي على ذكر ماري بدون شك.

ولدت في 1974 وترعرعت في بيت لحم، وقادها شغفها للدراسة في الولايات المتحدة الأمريكية، لتعمل بعدها في مجال صناعة السينما المستقلة وتأخذ لنفسها مكانًا في قلوب الملايين.

أخرجت في حياتها الفنية حوالي 14 عملًا فنيًّا من الطراز الرفيع، أبرزهم كان أولهم، وحمل اسم “ملح هذا البحر”، وأخرجته في 2008.

مخرجون عرب

المثير للاهتمام هو أن فيلمها الأول ترشح لجائزة الأوسكار عن أفضل فيلم وثائقي أجنبي، وكان له ظهور بارز في مهرجانات ميلانو وميتشيغن وشيكاغو وغيرها. وبالطبع، يرجع الفضل للقصة التي تتحدث عن قيام إسرائيل عن طريق هدم فلسطين بشكل مخطط ومدروس.

محمد خان

خان هو أحد المخرجين العرب الأكثر جدلًا على الساحة الفنية، ويوم وفاته في 2016 كان يومًا حزينًا على الوسط الفني العالمي، وليس المحلي فقط.قدمت أفلامه نظرة مختلفة للواقع النسوي في البلدان العربية، وخصوصًا مصر.

حاول في كل فيلم إظهار جانبٍ جديد للمرأة الكادحة، نفس المرأة التي لا يوجه الإعلام أبواقه ناحيتها إلا نادرًا. مخرجون عرب نصروا المرأة؟ لن نجد فعلًا أفضل من “خان”.

مخرجون عرب

لكن اهتمام “خان” بالحقوق النسوية للمرأة الكادحة لا ينفي كونه مخرجًا شاملًا، فقد أخرج أفلامًا مثل “الحريف” بالتعاون مع الفنان القدير عادل إمام، وناقش فيه قضايا اجتماعية كثيرة.

وبالرغم من كون هذا الفيلم تحديدًا بداية تدهور العلاقة بين الفنان والمخرج، إلا أنه ترشح لجائزة مرجان موسكو السينمائي 1983 عن أفضل إخراج، وحصل على صدى عالمي ملحوظ.

نادين لبكي

ليست مخرجة فقط، بل ممثلة أيضًا. إذا أردت مشاهدة البؤس الواقعي بعينه، فعليك بأفلام نادين لبكي بدون شك.

تتميز أعمالها بالتطابق التام مع الواقع، حتى لا يكاد المشاهد يُفرق بين الواقع العربي الموجود على الميديا وفي الشارع، وبين الفيلم المعروض أمامه في الشاشة. قدمت أعمالًا كثيرة أبرزها “سكر بنات” في 2007، لكن انفجارها الفني كان مع “كفر ناحوم” في 2018.

مخرجون عرب

لعبت في “كفر ناحوم” دور المخرج والكاتب في نفس الوقت، وتحدثت القصة عن فتى صغير تضغطه الحياة لدرجة تدفعه للذهاب للمحكمة بهدف أخذ حقه من والديه. ليسأله القاضي عن السبب، ويرد الفتى: “لأنهم خلفوني”.

فيلم عن اليأس والإحباط ومحاولة العيش في حياة لا تريد فعلًا للبشر أن يكونوا ما يريدونه فيها بأي شكلٍ من الأشكال.

غيّرت “نادين” نظرة العالم الغربي للإخراج النسوي، واستحقت لنفسها مكانًا في أي قائمة تتحدث عن الإخراج، وبالطبع استحقت نفسها مكانًا في قائمة “مخرجون عرب”، التي نسردها اليوم.

عمرو سلامة

“مخرجون عرب” امتهنوا الإخراج بينما تخصصهم الجامعي بعيد كل البعد عن الفن؟ ربما عمرو سلامة أحدهم فعلًا.

هو أحد أبرز المخرجين العرب المصريين بالفترة الأخيرة، وهذا يرجع لأهمية الأفكار التي يختار مناقشتها في أعماله.

وسواء كان الجمهور العربي أحبه أو لم يحبه، فلديه بصمة هوليودية بلا شك، وبالفعل، أبرز أعماله هو فيلم “الشيخ جاكسون”، والذي اختارته لجنة الأوسكار 2017 للترشح لفئة أفضل فيلم بلغة أجنبية، وغطت صحف عالمية الأمر في ثوانٍ. في الأساس تخرج من كلية التجارة بجمهورية مصر العربية، لكن شغفه الفني دفعه نحو السينما دفعًا.

مخرجون عرب

لكن حاله كحال أي مخرج أعماله تثير الجدل باستمرار، يجب عليه أخذ نصيبه من كره الميديا. وهذا ما حدث، حيث إن الفيلم تم رفع دعوى عليه من قبل الأزهر الشريف بالقاهرة، بالرغم مروره على مقص الرقابة بالفعل، لكن هذا لم يثبط من عزيمة المخرج.

وآخر اعماله المنتظرة سيأتي في 5 نوفمبر 2020 على منصة “نيتفليكس”، وهو مسلسل ما وراء الطبيعة.

جدير بالذكر أنه المأخوذ عن كوكبة أعمال الكاتب الراحل أحمد خالد توفيق التي تحمل نفس الاسم.

يوسف شاهين

إن “شاهين” حالة سينمائية فريدة من نوعها، وحالة شعورية؛ نادرًا ما يستشعرها المرء أثناء مشاهدة الأفلام الكلاسيكية على وجه التحديد.

رحل المخرج عن عالمنا منذ فترة طويلة جدًا، لكن ما زالت أعماله حتى وقتنا هذا تصدح في جوانب عالم الفن، خصوصًا بعد أن استحوذت على حقوقها “نيتفليكس”، وباتت جزءً من واجتها السينمائية العربية المبهرة.

مخرجون عرب

قدّم المخرج أعمالًا كثيرة على رأسها “إسكندرية ليه، الأرض، باب الحديد، حدوتة مصرية”، والكثير بالمنتصف. انطوت أفلامه على تجسيد الحارة المصرية البسيطة بكل تقلباتها، ووصفه البعض بأنه نجيب محفوظ السينما، وكأن قلم الأديب انتقل إلى عدسة المخرج وقدم لنا أعمالًا سيُخلدها التاريخ حتى نهاية العالم كما نعرفه.

مخرجون عرب أو غير عرب، لا يهمّ، فهذا المخرج في شريحة فريدة تمامًا صنعها لنفسه، وسيظل فيها للأبد.

شادي عبد السلام

قد لا يتردد اسمه كثيرًا هذه الأيام، لكن لشادي بصمة خاصة للغاية في السينما، وقد يقارنه البعض مع عمالقة الإخراج الكلاسيكي مثل ألفريد هيتشيكوك وستانلي كوبريك والأخّاذ فيديريكو فليني. لكل منهم بصمة، وهو مثلهم بالضبط؛ امتازت رسومه التوضيحية البسيطة، بالتوافق التام مع المشاهد المجسّدة أمام الكاميرا.

حتى إن أهم أفلامه “المومياء” لم يتركه الفن ليموت، بل تم ترميمه ليكون من الأعمال القليلة المرممة على يد مؤسسة مارتن سكورسيزي لحفظ التراث السينمائي العالمي، والتي حملت اسم “فيلم لوميير”.

اعتمد أسلوبه الإخراجي على التقليل من النص بقدر الإمكان، وجعل الكاميرا هي الراوي الوحيد للأحداث تقريبًا.

نعته البعض بالمتعالي والمتحاذق والشغوف بالسينما الصامتة؛ إلا أن رسوخ أعماله حتى وقتنا هذا أثبت عدم صواب آرائهم، وأن هناك مخرجين عربًا تستطيع أفلامهم الصمود أمام رياح الزمن.

نجوم الغانم

أجل، للسينما الإماراتية نصيب من كعكة الفن. إن نجوم واحدة من الأسماء القليلة جدًا في عالم الإخراج النسوي العربي على وجه العموم، وذلك الإماراتي على وجه الخصوص.

هي أديبة وشاعرة وكذلك مخرجة سينمائية، وسمحت لها مهاراتها الفنية بالحصول على منصب عضو مجلس إدارة بهيئة أبو ظبي لشؤون الثقافة والتراث.

وقد بدأت مسيرتها الفنية مع فيلم “الحديقة” في 1997، ثم توالت الأفلام لنصل إلى فيلم “المريد” في 2008. وبينهما صدر فيلمان آخران في 1997 و1999، لتتوج المخرجة مسيرتها بأربعة أفلام حتى وقت كتابة هذه الكلمات.

تريثها السينمائي أعطاها فرصة لتقديم دواوين شعرية كثيرة، وكانت تجربها مزدهرة بستة دواوين كاملة، آخرها كان بعنوان “ملائكة الأشواق البعيدة” في 2008.

زر الذهاب إلى الأعلى