محمد بن خليفة: تفرّق دمه بين الاعتمادات
حمزة جبودة
سارع المبعوث الأميركي السابق لليبيا جوناثان واينر، في الكتابة عن رحيل الزميل محمد بن خليفة، ووصفه بالمضيعة للموهبة الليبية، ولحقه السفير الإيطالي السابق لدى ليبيا جوزيبي بيروني، الذي نشر صورة تجمعه بالراحل على صفحته الشخصية على تويتر، وقدّم التعازي لأهله. أما محليًا فقد أعنلت إدارة الإعلام الخارجي بوزارة الخارجية التابعة لحكومة الوفاق الحداد لمدة ثلاثة أيام تضامنا مع الزملاء الصحفيين والمراسلين، بحسب قولها.
محمد بن خليفة، هُو مواطن ليبي قبل أن يكون صحفيًا، وإنسان يملك أُسرة ومجتمعًا من الأصدقاء والمعارف التي تجعله قريبًا من قلب الأحداث السياسية والمسلحة. وإن حضرت الأحداث السياسية فحتمًا ستحضر حكومة الوفاق ورئيسها، ومعها الصور التذكارية التي يتباهى بها مسؤولو الحكومة، ولا شكّ أن الراحل كان أحد المصورين الذين وثّقوا تلك اللحظات.
اليوم وبعد رحيله، ورحيل الكثير من المدنيين في طرابلس، جرّاء الحرب الدائرة بين اللواء السابع وكتيبة ثوار طرابلس، يعود الروتين المعتاد للمجلس الرئاسي في عقد اجتماعاته ولقاءته، وكأن طرابلس التي يعيشها تختلف عن طرابلس الاشتباكات المسلحة وجحيم القذائف العشوائية. لا بيان ولا تعزية ولا حتى اعتذار، من يُقتل في الاشتباكات المسلحة في كل ليبيا، هُم مجرّد أرقام عابرة، وإن كانوا قادة كتائب أو مسؤولين فالأمر يختلف رأسا على عقب.
من قتل محمد بن خليفة، لن يطاله العقاب ولن يُحاسب على كل حال، نحن نعرف هذا جيدًا، من قتل الأبرياء ما يزال يطلق شعاراته الثورية تارة وتارة أخرى الوطنية، ومن قتل وما زال يقتل في طرابلس وغيرها من مدن ليبيا، لا يتحرّك من تلقاء نفسه، بل لأن هناك أطرافا تدعمه، وتقف في صفّه إن شعرت أنه في خطر. والذاكرة الليبية حافلة بهذه الأفعال الإجرامية التي يُكافأ أصحابها عادةً في دولة المحاصصات والاعتمادات الدموية، بالمناصب وشهادات التقدير، وبعدها تأتي مرحلة المصالحة، وطي صفحة الماضي.. تعلّمنا الدرس وحفظناه فاحفظوا ماء وجهكم، أو تعلّموا من واينر أو بيروني، فنَّ الوقت لا ضياعَه.