ما لا تعرفه عن “البازين”.. شهادات من التاريخ
البازين من الأكلات الشعبية في ليبيا، كان موجودا في عصر ابن خلدون وذكره بعض المؤرخين ممن زاروا بعض المدن الليبية، فقال الرحالة أبو عبد الله التيجاني إنه في وادي سوف الجين ربما أنبتت الحبة في بعض السنين مائة سنبلة، ونتيجة لكثرة هـذا الزرع “الشعير” كان اعتمادُ الليبيين في غذائهم على البازين، الأكلة المفضلة عندهم والمقدمة إلى ضيوفهم .
أما الرحالة الإنجليزي جون فرانسيس ليون، فزار منطقة بني وليد في1818 وذكر بأن الشيخ المرافق لهم قدّم لهم في الليل وجبة بازين، ويذكرُ المؤرخ الحسن بن الوزان الذي زار طرابلس سنة 1518 أن البازين كان الغذاء الأساسي لسكان طرابلس، ويعتبر الوجبة الأكثر انتشارا في منطقة الغرب الليبي.
وأغلب الليبيين يفضلون تناول البازين في المناسبات الكبيرة وبخاصة في الأعراس حيث يُعتبر الوجبة الرئيسية، أما المكوّن الأساس في البازين فهو دقيق الشعير وتتم إضافة الطبيخة “الايدام” واللحم والبطاطا وأحيانا البيض المسلوق، ويأتي على هيئة قبة توضع في وسط طبق يسمى القصعة ويُسكبُ حولها المرق، وتوضع البطاطا واللحم حول العجين، ثم يصب عليها المرق، والقليل من الدهن وتؤكل باليد، مع القليل من الليمون والفلفل الحار.
ويعرفُ البازين بأسماء مثل “العيش” أو “البلفيطة”، وهناك طرق أخرى لطهي البازين مثل “عيش و سرار”، و”عيش بالقديد”، و”عيش و تختيري”، و”عيش وحساء”، وقديما كان الليبيون سواء في المدن أو الأرياف يقومون بإنتاج ما يأكلون أو على الأقل تجهيزه وإعداده.
وتبدأ رحلة البازين من رمي البذرة في التربة ثم حصادها وطحنها في آلة صغيرة تتطلب مجهودا كبيرا وهي “الرحى”، فقد كانت المرأة تغسل الشعير وتجففه وتطحنه لتصنع منه الدقيق، وتحتاج المرأة لإعداده إلى قدر من الفخار أو النحاس ومعصدة أومغرف من خشب الزيتون والقصعة.
وقال في البازين الشيخ إبراهيم باكير ” 1856 ـ 1943″
خير الموائد عندنا البازين واللحم حوله ناضج وسمينُ
فاقطع بكفك قطعة من أصله ثم ادلكنها جيدا فتلينُ
حتى إذا ما أشبعت مرقاً فكل بالخمس من يمناك فهي تعينُ
هذا هو الأكل اللذيذ وإنه ذو لذة للآكلين تبينُ.