ما بعد النفط.. النتائج والحلول
سليمان الشحومي
قرار المشير حفتر بتسليم الموانئ النفطية لإدارة الوطنية للنفط التابعة للبرلمان بدلا من إدارة المؤسسة الوطنية للنفط بطرابلس، بعد إعادة السيطرة على الموانئ ووقوع خسائر بالأرواح وحرق لخزنات النفط، هو قرار من الناحية العاطفية يلقى صدى عند الكثيرين بحجة أن أموال النفط تمول من يقوم بالاعتداء على الحقول ويتسبب في سفك الدم ويمكن تفهم ردة الفعل من البعض بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية واستمرار الانقسام المؤسسي وعلى الجانب الآخر هناك الكثيرون مما يعرفون جيدا أنه سينعكس سلبا كما حدث أيام إيقاف التصدير من قبل الجضران سابقا بل ربما أخطر بسبب الانقسام الذي تعيشه ليبيا الآن، فالجميع يدرك أن هذه الأموال بالواقع هي ما يخفف من تفاقم الأوضاع الاقتصادية بشكل أسوء مما هي عليه على جميع الليبيين وهي السبيل الوحيد الذي يمكن عبره تحسين الأوضاع على المستوى الاقتصاد الكلي وأيضاً على مستوى الأفراد عبر زيادة وتحسين القدرة على الإنتاج والتصدير.
في تقديري أن القرار لن يستطيع أن يذهب أبعد من إيقاف التصدير وفقا لقرارات مجلس الأمن التي تمنع على أي جهة غير المؤسسة الوطنية للنفط التابعة لحكومة الوفاق القيام بعمليات التصدير، كما أن التصدير مبرم بموجب عقود تسويق وعقود بيع لا يمكن التملص منها بجرة قلم والأهم أن القوة القاهرة التي فرضتها المؤسسة الوطنية للنفط على موانئ النفط لا يمكن رفعها إلا من قبلها فقط وهي المعترف بها دوليا.
بدون أدني شك سيحدث هذا الأمر انهياراً كبيراً على مستوى إيرادات المالية العامة للدولة ويحرمها من فرصة القيام ببرنامج إصلاح اقتصادي تشكلت ملامحه الأساسية وصار لازاما تطبيقه وسيربك عمليات الإنفاق المتعثرة أساسا.
بدون أدنى شك أن انفراد القرار بالبنك المركزي وتأخرهم في فعل ما يجب والتعاطي مع شركاء المسؤلية وحل الأزمات النقدية وتغول السوق السوداء التي أكلت الأخضر واليابس زاد من عمق الأزمة .
الصراع الآن ليس على النفط في واقع الأمر بل على إيراد النفط الذي يتجمع في بوتقة البنك المركزي طرابلس والذي يدار بشكل غير مترافق مع القانون ويقصي الطرف الآخر . علينا أن نتفق على إعادة ترتيب إدارة البنك المركزي وتوحيدها ونبعدها عن التعاطي السياسي إذا أردنا المخرج السريع للأزمة .
لا سبيل أمامنا للخروج بشكل شامل من كل ما يحدث سوى المضي قدما نحو الانتخابات وخلق سلطة تشريعية جديدة موحدة يمكن أن تنتج سلطة تنفيذية واحدة يقع على عاتقها لملمة بقايا وطن يتصارع أبناؤه بالحديد والنار .