ما الأولى في ليبيا.. الأمن أم الديمقراطية؟
تقرير | 218
معادلة الأمن والديمقراطية بالغة التعقيد في ليبيا، فالبلد الذي يغرق في الأزمات وأتون الحروب منذ سنوات لم تستطع كفاءاته ومتصدرو مشهده السياسي خلقَ حالةٍ من التلاؤم بين متطلبات البعض بالحفاظ على المسار الديمقراطي والتداول السلمي والعمل السياسي والاختلاف الحاد، وبين مطالب الآخرين الذين يرون أن الأولوية اليوم هي لاستتباب الأمن، والمحافظة على أرواح المواطنين عبر دعم الأجهزة الأمنية وتأمين الحدود والتخلص من الفوضى التي تسببها التشكيلات المسلحة بنوعيها، المتشددة وغير المتشددة .
وبعد 8 سنوات على ثورة فبراير التي نادت بالتنمية بمفهومها الشامل انحدر منسوب الأمن وظهرت تشكيلات متطرفة، وجهوية، ومنفعية، كلها تتفق على الفوضى وتتخذ منها نهجاً تسير فيه بكل ثبات ما دفع بالكثير إلى التخلي عن المطلب الأول وهو التحولُ الديمقراطي، واستبداله بالآخر الذي يحفظ لهم حياتهم وأملاكهم ويجنبهم ابتزاز المجرمين .
وعلى الرغم من اعتراف الجميع بأن الحالة الليبية لم تعد كما كانت بفعل زيادة معدل الجريمة وانتشار السلاح وظهور الثارات القبلية ما يزال فصيل يتمسك بالخيار الأول غير آبهٍ بالتحول الذي شهده المجتمع، ويقول صراحةً إن التخلي عن الديمقراطية لصالح الأمن هو انتحار للحلم، وهو مقدمةٌ لحكم العسكر، غير قابل حتى بفكرة تأخير الديمقراطية التي تولدت عبر مراحل، والعمل على إنتاج سلطة مؤقتةٍ تحفظ الأمن وتنهي الجريمة والفوضى لتهيئة المناخ الملائم للديمقراطية كي تنمو كشجرة فوق أرض طيبة غير مالحة .
ينعكس اختلاف الطرفين جلياً على أرض الواقع، تراه بوضوح في مضمار السياسة وملاعبها وفي ساحات القتال الخشنة، وسيظل لحين التوافق حول مفهوم وسط، وإيجاد المعادلة الصعبة، معادلة الأمن والديمقراطية .