ماذا تفعل القوات التركية والمرتزقة السوريون في ليبيا؟
رأى تقرير لراديو فرنسا الدولي، أن الوجود العسكري التركي في ليبيا يتعرض لضغوط متزايدة وسط تزايد الدعوات الدولية والليبية لجميع القوات الأجنبية لمغادرة البلاد. ومن المتوقع أن يزداد الضغط مع اجتماع اللاعبين الأساسيين في الحرب الأهلية الليبية في برلين هذا الشهر.
وأشار التقرير إلى أنه سبق لتركيا أن نشرت مئات الجنود وشجعت آلاف المرتزقة السوريين على القدوم؛ لدعم حكومة الوفاق الليبية في معركتها ضد قوات الجيش الوطني، لكن مع سريان وقف إطلاق النار والانتخابات المقرر إجراؤها في ديسمبر، يتزايد الضغط على جميع القوات الأجنبية لمغادرة ليبيا.
المحاضِرة الزائرة في المعهد الهيليني التابع لكلية الدفاع الوطني في أثينا، آية بورويلا قالت: “كان هناك قراران من مجلس الأمن الدولي بالفعل لإزالة كل الوجود الأجنبي من ليبيا، سواء أكان تركيًا أم روسيًا أم سودانيًا، لذا نعم، تغيرت الساحة السياسية كثيرًا”. وأضافت “كان هناك إدراك متزايد بأنّ تركيا تعزز وجودها على البحر المتوسط في ليبيا”. “لذلك أعتقد أن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة قد استيقظا فجأة بشأن النوايا التركية في ليبيا”.
القوات التركية تتذرع بدعوتها من حكومة الوفاق
وذكر التقرير أن أنقرة تُصر على أن حكومة الوفاق السابقة المعترف بها دولياً دعت القوات التركية. لكن في مايو، دعت وزيرة الخارجية في حكومة الوحدة الوطنية نجلاء المنقوش جميع المقاتلين الأجانب إلى الانسحاب، بمن فيهم الجنود الأتراك.
وقد أنشأ الجيش التركي بالفعل قاعدة جوية في ليبيا، ووفقًا لتقارير وسائل الإعلام التركية، يسعى إلى بناء قاعدة بحرية. كما أثار الوجود العسكري المتنامي انتقادات شديدة من فرنسا، حيث تتنافس أنقرة وباريس بشكل متزايد على النفوذ الإقليمي.
محللة العلاقات الدولية التي تكتب لبوابة الأخبار التركية “دوفار”، إلهان أوزيل، تتوقع أن أنقرة ستخضع على الأرجح للضغوط الدولية وتُقلل جزئيًا من وجودها العسكري، فالشعب الليبي لن يعجبه على المدى المتوسط إلى الطويل وجود الجيش التركي في ليبيا، لكن في الوقت الحالي، ومن أجل الحفاظ على توازن القوى في البلاد، فإن بعض الليبيين قد يسمحون بعدد رمزي صغير من القوات التركية هناك، وهذا سيجعل مهمة الرئيس التركي رجب أردوغان أسهل – يمكنه أن يدّعي أن تركيا لا يزال لديها وجود عسكري في هذا البلد.
ووفق التقرير الفرنسي، أضافت أوزيل أن تركيا ستسحب بالتأكيد المرتزقة، خاصة الجهاديين منهم، الذين حملتهم من سوريا. ويمكن أن تحتفظ تركيا بعدد صغير من ضباط الارتباط هناك، وليس قوة قتالية، وليس قوة تكتيكية، لكن الوجود العسكري التركي هناك قوي للغاية، وهو يعتبر الآن ورقة مساومة لتركيا.
أنقرة تعدّ ليبيا ورقة للمساومة
قال تقرير لوزارة الدفاع الأمريكية العام الماضي إن تركيا أرسلت آلاف المرتزقة السوريين إلى ليبيا، وتنفي أنقرة أن يكون لأي مقاتلين سوريين منتشرين في ليبيا صلات بجماعات جهادية، كما تسعى تركيا حاليًا إلى تحسين العلاقات مع كل من واشنطن والاتحاد الأوروبي، وتنظر أنقرة إلى التعاون بشأن ليبيا على أنه نفوذ كبير.
وفي الوقت الذي يدافع فيه مستشار الرئيس التركي مسعود كاسين عن الانتشار العسكري لبلاده في ليبيا، فإنه يقول إنهم مستعدون للانسحاب في ظل ظروف معينة، وأضاف كاسين: “إذا لم ترسل تركيا قوة عسكرية، فسنشهد صراعًا كبيرًا جدًا. كيف يمكننا سحب القوات العسكرية التركية؟ سيكون ذلك ممكنًا إذا سحبت القوات الأجنبية الأخرى جيشها”. ومع ذلك، يقول كاسين إن الجيش التركي يمكن أن يلعب دورًا إقليميًا جديدًا مهمًا في ليبيا.
وأشار كاسين إلى أن تركيا لم تكن تريد نفوذًا عسكريًا في ليبيا؛ فهي ليست بحاجة إليه، لكن ربما تعمل تركيا والاتحاد الأوروبي معًا، إذ تهدف تركيا إلى دعم أمن حدود الاتحاد الأوروبي التابع لفرونتكس، هذا ليس فقط لتركيا، وحتى لإيطاليا، وأيضًا، مالطا تدعم هذا الوضع.
وختم راديو فرنسا الدولي تقريره بالقول إنه “مع كون ليبيا إحدى البوابات الرئيسية للمهاجرين الذين يسعون إلى دخول الاتحاد الأوروبي بشكل غير قانوني، يزعم المحللون أن أنقرة من المحتمل أن تحسب أن المساعدة في تأمين الحدود الجنوبية للاتحاد الأوروبي يمكن أن تمنحها نفوذاً أساسياً في المستقبل”.