ليست حرباً.. بل ترتيب لـ “مناصب” الحكم
مروان العياصرة
بحسب “تشرتشل” ..
“إننا نعرف الحقائق البديهية جيدا عندما يتعلق الأمر بأفعال الأعداء، ولكننا نجد صعوبة بالغة في تطبيقها”.. هذا طبيعي وحقيقي بفعل التجارب ومعايشة الواقع والوقائع ..
الذين كانوا دائما يحاولون التأسيس لحروب أهلية كانوا يفرشون الكلمات والتحليلات كما يفرشون “سجادة حمراء”.. أمام قصر أو مطار لكي يستقبلوا غرباء كثيرين..
والذين يقولون إن “ليبيا” أو “سوريا” أو “العراق” أو “اليمن” في سياق حرب أهلية لا يقدمون تحليلا أو يقرأون أوراق الواقع والسياق العام بجدية وموضوعية، إنهم فعليا يظهرون كما لو أنهم يريدونها أن تحدث بالفعل..
الحرب الأهلية كلمة مربكة جدا، ومفجعة وخطيرة إلى الحد الذي يصنع الذهول.. الذهول الذي يجعل هذا النوع من الحروب تقع دون أن تعيها الشعوب أو تحس بأنها تحدث الآن أو بعد قليل..
حربان أهليتان عاشهما العرب في القرن الماضي في السودان ولبنان.. وقضتا على شعب كثير ودم عظيم أريق على الأرض، وأجساد كثيرة احترقت وأرواح انسلت في العتمة وتحت الشمس، ومع كل الذي حدث، وبكل هذه البشاعة والتوحش وهدوء أعصاب القتلة، فهذا ليس مبررا لاستسهال الحديث عن “حرب أهلية” هنا أو هناك..
حتى لو قالت “الأكاديميات”، إن “1000” قتيل كافٍ لنقول إن هذه حرب أهلية، ليس هذا جيدا ولا منطقيا، لأسباب أهمها أن الشعب منتبه، والحوار لم ينفد بعد، والغرباء الذين ينفخون على جذور النار حين تنقطع أنفاسهم لن يجدوا الهواء الكافي ليبثوا كلماتهم المسمومة..
أبدا ليست حربا أهلية..
إنها رغبة وتسويق لحرب أهلية، ومحاولة لإخفاء الإخفاقات على المستوى السياسي أو العسكري، ومحاولة تبرير الدم والتكسُّب، وقلب الفكرة الأرسطية رأسا على عقب، فالدستور – معتذرا من أرسطو – ليس لترتيب مناصب الحكم، بل هي الحرب التي تُرتب ذلك..