ليبيا وزيو.. “لا مالي ولا ولادي على حبك ما في حبيب”
218TV | خاص
بعد نحو 24 ساعة من خطاب لسيف الإسلام القذافي وقبل نحو 24 ساعة من خطاب “زنقة زنقة” للعقيد معمر القذافي اتضح أن مهدي زيو قد فقد الأمل في أن يتجاوب نظام العقيد مع مطالب الليبيين، وأن ينسحب هذا النظام من حياة الليبيين مكتفيا ب42 عاما من التسلط على الليبيين وقهرهم، إذ قرر زيو أن يُضحي بنفسه بطريقة فاجأت الجميع، وبعثت ب”رسالة بالغة الدلالات” إلى نظام العقيد نفسه، بأن الليبيين قد قرروا الخلاص من نظامه، وأن الرسائل قد تتوالى، وأن الوقت قد حان لأن يستعيد الليبيون “لحن الحياة”.
في “الوسط المؤثر” من مدينة بنغازي، والتي كانت أول “المدن الثائرة” ضد العقيد، كان رجال العقيد داخل أسوار كتيبة الفضل بوعمر تستعد لوأد انتفاضة فبراير، عبر حركة أمنية خطرة داخل تلك الكتيبة، وسط مخاوف الثوار من أن يكون لهذه الكتيبة دورٌ حاسمٌ في ضرب ثورتهم السلمية، إذ ما استمر عملها ووجودها داخل بنغازي، فكان لابد من مهاجمتها، وتعطيل عملها واتصالها بنظام العقيد، لكن هذا الهدف كان دونه خسائر كبيرة، فكل محاولات مهاجمتها واقتحامها قد أخفقت بسبب الأسوار العالية للكتيبة، والتي كان قنّاصة من فوق أبراج فيها يقنصون الثوار المهاجمين، ويردوهم قتلى.
بعد ظهر يوم الأحد 20 فبراير عام 2011 تقدم الشاب مهدي زيو نحو “المهمة الأصعب” والتي تتطلب التضحية ب”الأغلى” من أجل ليبيا والليبيين، إذ قرر أن يُحمل قوارير الغاز في سيارته، وأن يُلغّمها مستهدفا فتح ثغرة في أحد أجزاء السور العالي للكتيبة الأمنية، وهو أمر نجح به زيو الذي ترك خلفه ثلاثة أطفال، ترك لهم “شهادة وفاة” تقول الكثير عن رجولة مهدي زيو الذي لم يتوانَ لحظة واحدة في أن يترجم كلمات الشاعر اللبناني إيلي شويري حينما قال:
بكتب اسمك يا بلادي ع الشمس الما بتغيب
لا مال ولا ولادي على حبك ما في حبيب
قصة تستحق أن تُخلّد من تاريخ ليبيا الحديث، وربما من أجل أن تُوثّق هذه التضحية مقارنة يحتاجها كل الليبيين على شكل السؤال التالي: من الذي ضحى من أجل ليبيا؟.. ومن هم هؤلاء الذين ضحوا بها؟.. التاريخ سيقول كلمته حتما.