لماذا عادت مصر إلى الملف الليبي الشائك؟
برزت مؤخرًا الجهود المصرية من أجل وضع حل للأزمة التي تعصف بجاراتها الغربية ليبيا والوصول إلى استقرار سياسي في البلد الذي ظلت الفوضى فيه سيدة الموقف منذ الإطاحة بمعمر القذافي في عام 2011.
ورغم أن الدور المصري لم يغب عن ليبيا إلا أن القاهرة اتخذت مؤخرًا خطوات علنية وسرية لتسوية الخلافات وإنهاء حالة التنافس بين القوى السياسية الليبية، لأسباب تتعلق في معظمها بمسألة الأمن القومي المصري وحصة القاهرة من عقود إعادة الإعمار في ليبيا.
ويتجلى هذا الدور في لقاء الرئيس عبد الفتاح السيسي مع رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي نهاية مارس الماضي، حيث قال المتحدث باسم الرئاسة المصرية بسام راضي إن الاجتماع تناول كافة القضايا التي تدعم استقرار ليبيا ، في إطار جهود مصر لدعم المؤسسات الليبية في الاضطلاع بمسؤولياتها ودورها.
ويؤكد مساعد وزير الخارجية المصري السابق صلاح حليمة في حديث له مع موقع “المونيتور” إن مصلحة مصر تكمن في إيجاد توافق بين الأطراف الليبية لضمان نجاح العملية السياسية وإجراء انتخابات نزيهة تحقق إرادة الناخبين الليبيين، فيما قال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة حسن نافع إن هذا اللقاء يأتي في إطار الجهود المصرية لفتح قنوات اتصال مع جميع أطراف الأزمة الليبية لمساعدتهم على الوصول إلى تسوية شاملة مستدامة وتحفظ المصالح المصرية في نفس الوقت.
وأرجع الصحافي والباحث المتخصص في الشأن الليبي عبد الستار حتيطة دعم القاهرة لقرارات مجلس النواب إلى حرصها على إرساء الاستقرار في كامل ليبيا، رغم الصعوبات التي تعترض عملية الدفع في اتجاه الاستقرار والتي مثّلها في حكومة الوحدة برئاسة عبد الحميد الدبيبة الذي يرفض السلطة، كاشفًا عن أن المنفي أعلن استعداده للعمل كوسيط للتوصل إلى حلول مرضية داخليًا وخارجيًا.
واعتبر حتيطة أن اندلاع أي اشتباك مسلح سيؤثر على الأمن القومي المصري ولذلك تسعى القاهرة لمنع حدوث ذلك، خاصةً أنه قد يعني عودة خطر التطرف إلى ليبيا خاصة في المنطقة الشرقية المتاخمة وهو ما لم تقبله مصر.
وأشار رئيس المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات محمد الشريف، في حديث له مع الموقع، إلى استمرار المشاورات بين مصر وليبيا، خاصةً أن القاهرة استضافت العديد من اللقاءات المتعلقة بالشأن الليبي، ومن بينها مبادرة يونيو 2020 والتي تم تضمين معظم بنودها في المقترحات الدولية الخاصة بليبيا، بسبب أنها تظهر انفتاح مصر على جميع الأطراف في ليبيا فضلاً عن أنها قادرة على لمّ شمل الليبيين.
واتهم الشريف رئيس حكومة الوحدة عبد الحميد الدبيبة بأنه ينفذ مخططات خارجية تهدف إلى إطالة عمر الأزمة الليبية وتعقيدها لصالح تنظيم الإخوان المسلمين وبعض التشكيلات المسلحة، ولذلك يرفض تسليم السلطة، بحسب وصفه.