لا شهادة لا رياضة.. في ليبيا “انت وحظك”
مهند نجم
قبل سنوات ليست ببعيدة كانت نظرة أولياء الأمور للتحصيل العلمي على أنه أهم من أي مهنة أخرى وعلى رأسها الرياضة فهناك أسماء كثيرة رغم موهبتها ابتعدت عن الجانب الرياضي واتجهت للتحصيل العلمي تحت ضغط رغبة الأهل.
الفكرة الليبية تركيزها كان ينص على استكمال الابن أو الابنة للجانب العلمي ومن ثم الانتقال لمرحلة جديدة في حياته أو حياتها للحصول على وظيفة والانطلاق في رحلة “تكوين المستقبل”.
ومع الانهيار المستمر لهذه الفكرة وقلة الوظائف وتوهج الجانب الرياضي وتحوله لمهنة وصناعة تُسهل على ممتهنها تكوين مستقبله، انقلبت الأمور وأصبحت الأسرة تدعم أبناءها ليكونوا لاعبي كرة قدم أو أي رياضة أخرى ليتقاضوا دخلا مميزا يسهم في نهضته ونهضتها.
ومع ازدياد الأوضاع السياسية والعسكرية في ليبيا سوءا في السنوات الأخيرة أصبح العامل الدراسي لا يُجدي نفعاً في حالات كثيرة وانتكس الواقع الرياضي.. أقفلت الأندية أبوابها وغاب المال عنها وأصبح خريج الجامعة واللاعب في حالة بطالة مستمرة إلا من أسعفه الحظ ووجد لنفسه طريقا خارج هذه الدوامة.
عبود نحو الموت
تخيّل معي عزيزي القارئ أن عبدالمؤمن عبود شاب ليبي ولاعب في نادي الأهلي طرابلس لكرة السلة وعلى الصعيد العلمي يملك شهادة جامعية في مجال الهندسة الميكانيكية.
القصة الأهم من ذلك أنه رحل عن بلاده باحثاً عن حياته التي سُلبت منه في قارب اتجه من العاصمة طرابلس إلى إيطاليا.
قد يتساءل القارئ.. إذا كان عبود لاعباً ولديه مستوى علمي مميز فلماذا لم يستطع تكوين نفسه؟ الإجابة ببساطة أن الكارثة وصلت لذروتها فعلياً.
بلادنا للحجاج
عبدالرازق التركي لاعب دولي في كرة السلة يمتلك في خزينة ألقابه الشخصية الكثير ومن تجاربه الاحترافية الكثير أيضا.
أصبح شغله الشاغل طوال أيامه الأخيرة التهجم على الوضع العام الذي أصبح لا يُطاق من الأساس في وقت توقفت فيه لعبة كرة السلة منذ حوالي أكثر من عام ونصف وأقفلت الأندية أبوابها ورحلت المستحقات المالية إلى أجل غير مسمى.
أعطوا الأجير حقه
عيّنة أخرى من عينات الإحباط يرصدها اللاعب أحمد الكوري الذي وصل لعامه الخامس والعشرين ويرى أنه لم يستفد على الصعيد المالي من رياضته ولم يستطع استكمال مشواره أيضا في ظل التوقفات المستمرة وغياب النظام في المسابقة.
لكم أن تتخيلوا أن ليبيا في سنوات العشر الأخيرة لم تقم فيها سوى بطولات ثلاث في كرة القدم، ما يعني انهيارا شبه تام لجيل كامل.
ما استعرضته من الأسماء على سبيل الذكر وليس الحصر. الأوضاع المعيشية صعبة والتفكير في المستقبل أصبح أمرا مستحيلا.
التحصيل العلمي في غياب فرص العمل فقد بريقه والرياضة التي تدر الدخل مؤجلة حتى إشعار آخر وهكذا تمر أيام العمر متخشبة على اللاعبين الذين يمثلون فئة لا يستهان بها لشريحة الشباب في المجتمع الليبي.