كيف يمكن حماية الليبيات من التحرش؟
– خلود الفلاح
بين الحين والآخر، تظهر علينا نساء ليبيات يروين قصص تعرضهن للتحرش اللفظي أو الجنسي أو الإلكتروني. وفي الجانب المقابل هناك الكثيرات قررن الصمت خوفا من الفضيحة التي تنالها أكثر من الجاني.
وبحسب حقوقيين، “هناك بعض القواعد المنصفة للمرأة في القانون الليبي، وأيضا هناك قواعد أخرى غير منصفة. المشكلة في ليبيا هي غياب الرؤية الجندرية للتشريعات القانونية، وتأثر القواعد القانونية الجزئية بالإرادة السياسية لواضعها”.
منذ أيام استمعنا إلى استغاثة فتاة تعرضت للتحرش الجنسي من أحد الأقارب، وأبلغتني فتاة عن تعرضها للتحرش الجنسي من ابن خالتها مع إصرار والدتها على الصمت. وكثير من الحوادث المرورية أدت بحياة نساء تعرضن لمضايقة على الطريق العام وتحول الأمر إلى نوع من المطاردة بين الضحية والجاني.
من أجل ذلك التقينا الحقوقية والمحامية هويدا الشيباني، حيث قالت: “بسبب الظروف التي تمر بها البلاد لا توجد إحصائيات دقيقة حول جرائم التحرش التي تتعرض لها الليبيات”. وأضافت: “النظرة الدونية للمرأة في مجتمعنا وإلقاء اللوم عليها في أكثر المواضيع حساسية، يجعلها تتراجع عن تبليغ الجهات المختصة”.
– قانون العقوبات الليبي في مادته 420 ينصّ على حبس المتحرّش لمدّة لا تقل عن شهر واحد ولا تزيد عن ستة أشهر، “سواءً أكان التحرّش لفظياً أو بالإشارة أو بالفعل”. هل القانون الخاص بهذه العقوبة قاصر ولا يكفي لردع المتعدّي؟
– المادة (420) مكرر من قانون العقوبات الليبي عبرت عن التحرش بالتالي (التعرض لأنثى على وجه يخدش حيائها) بالقول أو الفعل أو الإشارة في مكان عام أو مكان مطروق وكلمة مكان مطروق- حسب ما ورد في معجم المعاني باللغة العربية – تعني طريق يمر به الناس أي أنه طريق عام مما يعني أن التحرش الذي يحدث في أماكن مغلقه كجهات العمل أو بالمنزل كأن يتحرش أحدهم بجارته فلا يمكن تطبيق هذا النص عليه. وفي بعض الحالات التي لا يتجاوز فعل أو قول أو إشارة المتحرش إلى أبعد من ذلك فلا يمكننا تطبيق نص المادة (407) التي تنص على المواقعة ولا نص المادة (408) التي تجرم هتك العرض والتي إما أن تكون بالقوة والتهديد والخداع أو يكون الفعل وقع بالرضا على صغير دون سن الرابعة عشرة أو شخص لا يقدر على المقاومة لمرض في الجسم أو العقل أو كان الفاعل من أصول المجني عليه أو من المتولين تربيته أو ملاحظته أو ممن لهم سلطة عليه أو كان خادما عنده.
– هل هناك مواد واضحة وصريحة بخصوص التحرش اللفظي الذي تتعرض له الليبيات في الشارع، خاصة وأن هذا النوع من التحرش عادة ما يؤدي إلى الموت؟
– أركان جريمة هتك العرض وجريمة المواقعة تختلفان عن أركان جريمة التحرش حيث يقوم المتحرش بإتيان أمور وايحاءات وتلميحات جنسية أو اباحية بالقول أو الإشارة أو بالفعل الذي لا يصل إلى أن يكشف عن جزء من جسم المجني عليها وإلا أصبح للجريمة وصف هتك العرض. ولقد أردت أن أبين الفرق بين جريمة التحرش وإن كان لم يشر بالنص القانوني للفظ التحرش الجنسي، إلا أنه حدد وقوع الجريمة في الأماكن العامة والمكان المطروق فقط ولم يشر إلى الأماكن الخاصة والتي كثيرا ما يحدث بها فعل التحرش مما يعد ذلك عيبا بالنص وعلى المشرع أن يتداركه بالتعديل إلى جانب أن العقوبة نظرا لفداحة الفعل تعد غير رادعة وتحتاج لإعادة النظر أيضاً. خاصة أن بعض جرائم التحرش قد يترتب عليها حوادث سير.
إن غياب دور الجهات الأمنية وسوء الوضع الاقتصادي والنزوح بسبب الحرب والنزعات القبلية والجهوية، ساهم في زيادة نسبة الجرائم ومن بينها جريمة التحرش، واليوم أصبحنا في مواجهة تحرش من نوع آخر وهو التحرش الالكتروني الذي نص على عقوبة الحبس وغرامة لا تقل عن ألف دينار ولا تزيد عن ثلاثة آلاف دينار على فعل مضايقة الغير على شبكة المعلومات أو بأي وسيلة الكترونية بقصد إشباع رغبة جنسية كما نص على عقوبة السجن لمدة لا تقل عن 5 سنوات وغرامة لا تقل عن خمسة آلاف ولا تزيد عن 15 ألف في حاله استغلال القصر أو المعاقين نفسيا أو عقليا في أعمال اباحية.