كتّاب رائعون.. يبدو أننا خسرناهم
الحسين المسوري
مع ظهور مواقع وصحف ليبية على شبكة الإنترنت بدأنا نقرأ لأقلام ليبية واعدة لم نسمع بها من قبل خاصة في مواقع (ليبيا وطننا) (ليبيا جيل) و(ليبيا اليوم) و(ليبيا المستقبل) وغيرها، وزاد اكتشافنا لهذه الأقلام مع الصحف الورقية التي صدرت في الداخل خلال وعقب ثورة فبراير.
من هذه الأقلام التي تميزت بقوتها في (مقالة الرأي) الكاتب محمد سحيم الذي من خلال مقالاته منحنا مؤشرا بأنه سيكون الكاتب الأبرز في الصحافة الليبية بأسلوبه الساخر لكن سحيم اختفى فجأة وتوقف عن كتابة مقالة الرأي، حيث كانت آخر مقالات كتبها منذ عامين، رغم أنه كتب لعدة صحف ومواقع ليبية وخارجية، ولعل مقالاته يوم 4 فبراير 2011، والتي وجهها للعقيد القذافي بعنوان «رايس البلاد» ستكون إحدى أهم المقالات السياسة في تاريخ ليبيا خلال حكم القذافي، أعتقد أن توقف محمد سحيم عن الكتابة خسارة كبيرة للصحافة الليبية.
ومن الكتاب الذين نشروا بعدة مواقع قبل ثورة فبراير تحت اسم (أمارير)، وبرز خلال ثورة فبراير خاصة عندما انتقلنا إلى استحقاق بناء دولة القانون والمؤسسات الكاتب صلاح نقاب الذي تميزت مقالاته بالعمق، فقد كتب عددا من المقالات الرائعة التي نشرها بجريدة (ميادين) التي كانت تصدر من بنغازي، ومن أبرزها مقالة بعنوان (رسالة إلى الشعب الليبي العظيم) استشرف فيها ما حصل ويحدث حتى الآن، ورغم أن أغلب مقالات صلاح نقاب كانت تعبر عن الواقع الليبي بأسلوب رائع لا يقل روعة عن مقالات الصادق النيهوم، إلا أن صلاح نقاب ابتلعه موقع (فيسبوك) وتوقف عن كتابة المقالات بشكل دوري وخطفته وسائل التواصل الاجتماعي فأسس قناة على (يوتيوب) يقدم فيها رؤيته وتوجهه لكنه أصبح يهدر وقته على سجالات وجدال عبر صفحته بـ(فيسبوك) وحرمنا من مقالاته العميقة، ورغم عودته العام الماضي للكتابة، حيث نشر بعض المقالات في موقع (رصيف 22) الشهير، إلا أنه توقف من جديد بعد كتابة 9 مقالات فقط.
وإذا كان (فيسبوك) خطف منا الكاتب صلاح نقاب الذي تعرض فعلا لعملية خطف في طرابلس من قبل الميليشيات وقرر الهجرة على إثرها إلى ألمانيا حيث يقيم حاليا فإن (فيسبوك) قدم لنا كاتبا مثيرا للجدل لديه موهبة غير عادية اسمه خليل الحاسي الذي قدم لنا عددا مثيرا من المقالات عبر صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك)، وطرح العديد من الأسئلة الصادمة للمجتمع الليبي التي تسببت في حملات واسعة من الهجوم عليه، ورغم مواجهته هذه الحملات بكل شجاعة، إلا أن خليل الحاسي صدمنا بتوقفه عن الكتابة بعد أن خطفه التلفزيون ليظهر مذيعًا متألقًا بقناة (218) الفضائية ونخسره ككاتب مثير للجدل والأسئلة.
بالطبع هذا لا ينفي وجود عدد آخر من الكتاب الواعدين الذين لهم مستقبل وما زالوا يواصلون الكتابة سواء عبر صفحاتهم الشخصية بموقع (فيسبوك) أو عبر الصحف والمواقع الإلكترونية المختلفة، ولكن هنا تحدثت عمن توقفوا عن كتابة مقالة الرأي، وكما أعتقد يبدو أننا خسرناهم ككتّاب كان يمكن أن يكون لهم شأن كبير في المشهد الصحفي والثقافي الليبي.