قطة بسبع أرواح
الحبيب الأسود
للقطط قدرة توازن متطورة وآلية ناجعة لحماية الجسم
منذ أيام، صادفت على إحدى قنوات هز الوسط، فنانة شابة وهي تتنطط وتغني “أنا زي القطط بسبع أرواح”، لا أدري لماذا دفعت بي للبحث عن موضوع القطط ذات السبع أو التسع أرواح، لأكتشف أن أغلب الحضارات من الصين إلى جزر المالوين لديها أثر من هذه الأسطورة، ربما من باب الإعجاب بهذا الحيوان الذي تشاء الصدف أنه من أسرة الأسود والنمور والفهود، وهو ما يجعله يختزن الكثير من التوحش في داخله، حتى وإن بدا منه العكس.
يقال لدينا إن أرواح القطط سبع، لكن ويليام شكسبير أشار إلى أسطورة الأرواح التسع في مسرحيته روميو وجولييت. هناك أيضا مثل قديم إنجليزي يقول إن “القطط لديها تسع أرواح. ثلاث لتلعب، ثلاث لتهرب، والثلاث الأخيرة لتبقى”.
في مصر القديمة، كانت القطط حيوانات مقدسة لديها صفات الآلهة، حيث اعتقد المصريون القدماء أنها مخلوقات إلهية ذات قوى خارقة، حتى أن الإله باستيت ابن إله الشمس أتوم رع كان يتخذ شكل قطة، بما يرمز له ذلك من معاني الخصوبة والحب والحنان وحامية المرأة الحامل، إضافة إلى الفرح والرقص وبهجة الأعياد، إضافة إلى معان تبدو خفية ولكنها جزء من تكوين القطط مثل الغضب والافتراس.
قصة القطط مع المصريين القدامى جد معقدة، وتحتاج إلى كتب، حتى أن العلماء اكتشفوا الآلاف من القطط وهي محنطة بدقة، وأن هناك مقابر خاصة بالقطط، ومنحوتات على جدران المعابد، هذا يؤكد على قيمة هذا الحيوان المقدس في حضارة مصر القديمة، يقول هيرودوت: كان الناس يربون القطط في البيوت، وعندما ماتت قطة عبر صاحبها عن حزنه بحلق حاجبيه، ومن يتجرأ على قتل قطة كان يعاقب بالإعدام.
المؤرخون يفسرون كل ذلك الاهتمام بالقطط إلى أنها كانت ذات فائدة عظيمة لمجتمع زراعي، فهي تقضي على الفئران والحشرات والأفاعي، وبالتالي تحمي المحصول، وتؤمن البيت، وبالمقابل كانت لها القدرة على حماية نفسها بمرونة جسمها، وقدرتها على الفتك بالحشرات السامة والثعابين والأفاعي.
ولكن لماذا تسع أرواح؟ يقال إن الإله أتوم رع الذي كان يتجسد في شكل قطة، قد أنجب ثمانية آلهة وجمعها في روح واحدة لتشكل مع روحه تسع أرواح في كيان واحد، والرقم تسعة مقدس لدى شعوب كثيرة كالصين، ويقول العرب إن للقطة سبع أرواح، والرقم سبعة مقدس لديهم، وفي سفر رؤيا يوحنا أن أرواح الله سبعة (وَاكْتُبْ إِلَى مَلاَكِ الْكَنِيسَةِ الَّتِي فِي سَارْدِسَ:هذَا يَقُولُهُ الَّذِي لَهُ سبعة أرواح اللهِ وَالسَّبْعَةُ الْكَوَاكِبُ: أَنَا عَارِفٌ أَعْمَالَكَ، أَنَّ لَكَ اسْمًا أَنَّكَ حَيٌّ وَأَنْتَ مَيْتٌ).
بعض الأشقياء، يبدو أنهم أرادوا التأكد من الموضوع بمناسبة اليوم العالمي للقطط الذي يوافق الثامن من أغسطس كل عام، فقاموا بإلقاء 132 قطا وقطة من الطابق الخامس، وكانت النتيجة أن نجت 90 في المئة من القطط، في مناسبة أخرى، أخذوا القطط ورموها من الطابق السابع، وكانت النتيجة مذهلة، فعدد القطط التي بقيت على قيد الحياة أعلى، علميا مهمة القطة الأساسية هي التسلق، لديها 300 عظم في جسمها، وقدرة توازن متطورة وآلية ناجعة لحماية الجسم، عندما تسقط من أعلى تقوم بتعديل موضعها بسرعة فائقة للحفاظ على توازنها، ذيلها يصبح كجناح الطائرة، والدهون الكثيفة لديها تتحول إلى ما يشبه الوسادة المانعة من الارتطام عند ملامسة الأرض.
فهمت لماذا غنت مايا دياب: أنا زي القطط بسبع أرواح.