قصة ما حدث بين المحتجين والبرلمان.. و”غياب” عقيلة صالح يطرح تساؤلا؟
دون اعتبارٍ لكل ما عاناه الليبيون جرّاء لعبة الشدّ والجذب التي مارسها المسؤولون بالتناوب في شرق البلاد وغربها، فإن ضوءا لاح من بعيد مع بداية جلسة التشاور التي اجتمع فيها الفرقاء الليبيون في العاصمة التونسية، فشخصت أبصارُ من أرهقتهم الأزمات ووضعوا أيديهم على قلوبهم بانتظار السلام الذي قد يطل من “دار السلام”، لكن المشهد جاء قاتما منذ البداية، ولم نضطر لانتظار الإجماع من نواب الشعب، لأنهم أصلا لم يجتمعوا.
فما هي القصة الكاملة لمُحتجّي طبرق، وهل آثر هؤلاء مصالحهم الخاصة على مصلحة بلادٍ بأسرها، وهل جاء هذا الاحتجاجُ “على بالِ” بعض النواب حتى لا يقعوا في حرج الموافقة على إنهاء الأزمة التي قد لا يريد البعض لها أن تنتهي؟
بالعودة بالزمن والأحداث إلى الوراء فإننا نطالع قرارات عميد بلدية طبرق التي أصدرها في “21” من شهر أبريل في العام “2015” والقاضية بتنسيب أكثر من “47” ألف موظف إلى عددٍ من القطاعات العاملة في الدولة كالصحة والتعليم والإسكان والصناعة والاقتصاد والزراعة، وقد حملت هذه القرارات أرقام”38.41.42.44.45.46.47.48.51.52″ ليتم تنسيب آلاف الموظفين والموظفات من مختلف الأعمار لقرار التعيين الصادر من “أمين اللجنة الشعبية العامة لشعبية البطنان” في النظام السابق “صالح المرتجع”، وقد استلم المُنَسّبون مباشرات عمل في مختلف القطاعات بتاريخ 01.أغسطس .2015 مقابل التنازل عن مستحقاتهم من 2006 حتى 2015 والتحصل على مرتب بعد أربعة أشهر من العمل، لكنهم فوجئوا بكتاب يقضي بتقليص المنسّبين وحصرهم من مواليد 1969 إلى 1996 فقط، وإخراج الازدواجية والعقود والضمان والعسكريين ليصبح العدد “25.210” موظف.
وبناء على ذلك فقد وعدوا بمرتباتهم في بداية شهر يناير 2016، ومع مرور الأيام وانخراط الجميع كُلٌّ في العمل الذي نُسّب إليه، صدر كتاب قبل نهاية يناير من العام “2016”، يقضي بحصر المتحصلين على شهادات عليا فقط وإخراج الباقي خارج الكوادر، لتستمر هذه التصفية دون أن يأخذ أحد مرتبه، ما جعل المنسّبين يعتصمون أمام المجلس البلدي “طبرق” دون أية جدوى ومن ثم أغلقوا ميناء “الحريقة” فتدخل الأعيان لإخراجهم من الميناء، فاتجهوا عقب ذلك إلى “البيضاء” حيث الحكومة الليبية المؤقتة دون أن يستمع أحد إلى مطالبهم، فاعتصموا من جديد أمام مجلس النواب في العشرين من شهر يوليو الماضي ، ليتدخّل نواب المدينة ويعِدونهم بحلولٍ قريبة، أما اليوم التاسع من “أكتوبر” العام “2017”، وفي الوقت الذي يعلّق الليبيون آمالهم على اجتماع البرلمان الذي قد يقطع به الوطن نصف المسافة إلى الاستقرار المنشود، تطفو أخطاء المسؤولين من جديد على السطح، يشوبها ربما شيء من اللامسئولية من هنا أو من هناك، ويرمي “محتجّون” حجر العثرة أمام الخطوات الليبية، فيخفت الأمل ويطول الانتظار حتى نقل الجلسة أو إلغائها، لأن الغموض لازال يلف الكثير من المشاهد على الساحة حتى الآن.
ولكن مع كل ما حدث في اليوم “المهم” بالنسبة لكل من ينتظر أن تنتهي مأساة الشتات في ليبيا، والانقسام السياسي الذي دفع وما زال يدفعه المواطن وحيدا، يطرح بعض المحللين السياسيين سؤالا مُثيرا وذو اهتمام كبير، لماذا خرج المحتجون اليوم تحديدا،لما تغيّب رئيس البرلمان عن جلسة، كانت من المفترض أن تناقش ما نتج عن الحوار بين لجنتي البرلمان والمجلس الأعلى للدولة؟
أما عن السؤال الآخر، الأكثر حضورا اليوم على وجه التحديد، لماذا خرج المحتجون وتظاهروا أمام البرلمان “الجهة التشريعية”، ولم يتظاهروا أمام مقر الحكومة المؤقتة “المعنية” بشكل مباشر، عن مطالبهم، وهو السؤال الذي سيبقى باحثا عن إجابة تُرضي من يبحث عنها، في يوم كان من المفترض أن يُنهي “ماراثون” الصراع ويبدأ في مرحلة “توافق حقيقي” لا توافق مؤقت”.