في “ثالثة السعيطي”.. ليبيا “مش تمام”
218TV | خاص
وضع طارق السعيطي نفسه في مواجهة الموت، وتحرش بـ”ألغام الظلام” التي زرعها إرهابيون في ليبيا محاولا حماية الليبيين منها، إذ عمل على إزالتها من طرق كان يسلكها طلبة ليبيون صغار إلى مدارسهم، بوصفهم “عنوان الأمل” في ليبيا التي أصبح فيها “شامتون كثر بالموت”، لكن لو قُدّر لطارق السعيطي أن يعود إلى الحياة بعد ثلاث سنوات من “صدمة الليبيين” بـ”رحيله المبكر”، لربما راجع نفسه بشأن تضحياته التي أهدرتها جماعات مسلحة باتت “تقامر وتتاجر” بكل شيء، بل وتحاول “كسر مشروع الدولة” الذي آمن به طارق، وافتداه في المشوار الطويل “لبناء ليبيا واستعادتها”.
الرحيل المر
لم يتردد طارق السعيطي لحظة واحدة على مدى سنوات من تلبية نداء الواجب للتعامل بـ”خبرته العلمية والأمنية” مع ألغام زرعها إرهابيون لتعطيل إرادة الحياة لدى الليبيين، الذين بكوا طارق السعيطي طويلا بعد “رحيله المُرّ”، فيما يستمر كثيرون اليوم بـ”ادعاء الوطنية”، و”نهب أموال الليبيين” جهارا نهارا، فيما يستذكر ليبيون كيف أن السعيطي ورفاق له قضوا على درب “ملحمة العز” الليبية ساعات طويلة تحت شمس الصيف اللاهبة، أو تحت درجة حرارة متدنية جدا للتعامل مع الألغام والعبوات الناسفة التي ظل السعيطي حتى دقائقه الأخيرة على قيد الحياة وهو يحاول “نزعها وتنحيتها”.
الجندي المثابر
لم يكن طارق السعيطي يسافر لحضور “مؤتمرات سياحية سياسية” في عواصم الجوار على نفقة الليبيين، ولم يرد اسمه نهائيا في التقارير الصادمة لما وُصِف بأنه “نهب ممنهج” لمال الشعب، ولم توضع زجاجات مياه معدنية أمامه وهو يفكك الألغام، ولم يدخل السعيطي في حياته فندقا فاخرا للمبيت أو للأكل فيه، وربما كان “فندقه الوحيد” ذلك الرصيف قرب حوش فكّك لغما من أمامه كان على وشك الانفجار، ولعل كل صور طارق السعيطي المتداولة تُظْهِره بقيافة عسكرية تعطي انطباعا أنه “الجندي المثابر” الذي لا يتأخر عن واجب أو نداء مهما كلف الأمر، ولو كلفه روحه وحياته التي قدمها بلا تردد على طريق “ابتسامة ليبيا” التي يحاول كثيرون “قتلها ووأدها”.
يوم الرحيل
في التاسع من شهر يوليو 2016 لم يُصدّق الليبيون أن خبير الألغام طارق السعيطي تُوفي، فالرجل الذي قهر ألغام الإرهابيين كان جزءا لا يتجزأ من فرحة كل ليبي بـ”قهر لغم” تركه إرهابي حاقد في مسعى لقطع يد مقاتل يريد استعادة ليبيا إلى الحياة، أو في مسعى لحرق دفتر طفل في طريقه إلى مدرسته.
اِقْهَر بالعلم
تساءل كل من عرف السعيطي. هل مات السعيطي حقا؟.. من لألغام بنغازي إذن، على مَنْ سيتصل أهل بنغازي إذا وجدوا “شيئا مُريبا ومدفونا” في بيت أو قرب شجرة.. مات “الأمان” إذا.. والرجل الذي “تحرش بالموت” مرارا صار شهيدا، فبادر الليبيون بـ”أسى حقيقي” إلى تقليب صور ومقاطع فيديو يتذكرون فيها بطولات الرجل الذي كان يحمل الألغام ويطير بها في الهواء ليبعدها عن أم لحماية رحمها “الولّاد” لرجال ليبيا المستقبل.. ربما ليبعدها عن مدرسة يجلس على مقاعدها أطفال يؤمنون أن الإرهاب والظلام لا يُقْهر إلا بالعلم.
عاش بطلا..ورحل شهيدا
في التاسع من شهر يوليو مات السعيطي، والرجل لا تمل الألقاب منه، عاش “بطلا”.. ورحل “شهيدا”، والعزاء دائما أن “ليبيا ولّادة”.