في الاحتفال العالمي.. أين عمال ليبيا؟
يحتفل العالم في الأول من مايو كل عام بالعيد العالمي للعمال، بعد اعتماده منذ نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين.
لم يكن اليوم احتفالياً أبداً، بل كان نتيجة نضالات، ومظاهرات، سقط فيها قتلى وجرحى من العمال المحتجين على أوضاعهم، والمطالبين بـ8 ساعات من العمل، مقابل العدد المفتوح من الساعات والذي كان يصل إلى 16 ساعة في القرن التاسع عشر.
في الأول من مايو عام 1886 نظم عمال شيكاغو إضرابا، وخرجت مظاهرات، تحت شعار “ثماني ساعات عمل، ثماني ساعات نوم، ثماني ساعات فراغ للراحة والاستمتاع”، واجهت السلطات المظاهرات بالقوة المفرطة، وأطلقت عليهم الرصاص، كما رمى مجهول قنبلة وسط رجال الشرطة أدى إلى مقتل عدد منهم، فاعتقل بناء على ذلك عدد من قيادات العمال وحكم 4 منهم بالإعدام، ليتضح لاحقاً أن أحد عناصر الشرطة هو من رمى القنبلة، حسب صحوة ضمير لرئيس الشرطة أصابته بعد 11 عاماً.
أوغست سبايز أحد قادة العمال الذين نفذت فيهم السلطات الأميركية حكم الإعدام، يقول في خطاب وجهه لابنه قبل وفاته: ” سيأتي اليوم الذي يصبح فيه صمتنا في القبور، أعلى من أصواتنا”، لتصبح مطالب “سبايز” ورفاقه قانوناً عالمياً، بعد أعوام على وفاتهم.
تحتفل ليبيا اليوم من بين عشرات من دول العالم بعيد العمال، ليكون اليوم عطلة رسمية، يحمل التهاني من جميع السلطات الحاكمة، ويحصل “العمال المحظوظون” على بيانين للعطلة من حكومتين مختلفتين، بدلاً من العطلة الواحدة.
لكن هؤلاء العاملين، يحصلون فقط على العطلة، لا على مرتباتهم المتعطلة منذ 4 أشهر، ولا نقودهم العالقة في المصارف على الدوام، ولا حتى الحق في التظاهر، في وسط الرصاص المتربص بهم من كل جانب.
يوجد في ليبيا اتحاد عمال، كما في كل العالم، لكن يرى مراقبون أن الشكل الاقتصادي للدولة، والذي يغلب فيه الموظفون في القطاع العام، على العاملين في القطاع الخاص، يحد من القدرة على تشكيل نقابات واتحادات فاعلة، تؤثر على السياسة والاقتصاد في البلاد.
ليست الحركة العمالية في ليبيا حديثة عهد، أو صامتة على مدى العقود، فحزب العمال، الذي أنشئ في أربعينيات القرن الماضي في طرابلس، واتحاد عمال برقة الذي تكون في 1956، ليتحول إلى اتحاد عمال ليبيا فيما بعد، كل ذلك شاهد على الوعي بتنظيم العمال للحصول على حقوقهم.
تحول الأمر إبان عهد القذافي إلى “اتحاد المنتجين” بدلاً من اتحاد عمال ليبيا، وتوقف الاحتفال بالأول من مايو عام 1978، إلى أن عاد الاحتفال به بعد قرار من المجلس الوطني الانتقالي في يناير 2012 بإعادة اعتبار يوم العمال العالمي عطلة في البلاد.