فتش عن المرأة
خالد القشطيني
هذا القول الفرنسي الشائع في العالم ينطبق بصورة خاصة في ميادين الجاسوسية. وقد برعت المنظومة الشيوعية فيها بصورة خاصة في أيام الحرب الباردة، وذلك باستخدام الجنس وتصاوير الفضائح وابتزاز الضحية. وكان منها ما أودى بمستقبل دبلوماسي أميركي، إرفين سكاربك. كان متزوجاً بامرأة محافظة وله منها ثلاثة أولاد. ومع ذلك سلطوا عليه في بلغاريا، حيث كان يعمل، غادة بولندية حسناء أوقعته في حبالها. لاحظ زملاؤه في السفارة الأميركية اهتماماً مفاجئاً منه بالملفات والوثائق السرية. ثم توسطه لمنح فتاة بولندية شابة، أورسولا ديتشر سمة دخول لألمانيا وأميركا. وبعدها بقليل طلب منحة إجازة لقضاء عطلة في ألمانيا.
أثار بذلك الشكوك في أمره. ولا عجب! لماذا يتوسط دبلوماسي أميركي لشابة بولندية. حسناء؟ وهنا السر! أجل فتاة حسناء! بعثوا ببرقية إلى سفارتهم هناك في بون. «فتشوا عن المرأة» وفي هذه الحالة، فتشوا عن الرجل! رجل الدبلوماسية. سرعان ما ظهر الرجل أمام وكلاء المراقبة الأميركية وهو يصطحب فتاة تصغره بنحو عشرين عاماً. صفاتها الرشاقة والنحافة، والشعر الذهبي القصير وعينان ساحرتان ووجنتان ورديتان. طابقوا ذلك مع أوراق طلب سمة السفر لتلك الفتاة البولندية الحسناء. نعم إنها الفتاة نفسها التي توسط إرفين سكاربك لها لمنحها سمة دخول لمدينة فرانكفورت في ألمانيا.
طرح السؤال: لماذا طلبت سمة دخول لألمانيا؟ وكيف حصلت على جواز سفر من السلطات الشيوعية في بولندا التي لا تعطي مواطنيها جواز سفر للغرب دون ثمن. ماذا كان الثمن؟ ولكن الثمن كان بسيطاً. نعم، جسمها مقابل شيء من أسرار الدبلوماسية الأميركية في أوروبا الشرقية.
وبعد مراقبة طويلة من فرانكفورت إلى دوسلدورف إلى ميونيخ إلى صوفيا، قررت المخابرات الأميركية مواجهة الرجل: هل تعرف أورسولا ديتشر البولندية؟ جر السؤال إلى سلسلة من الأسئلة والأجوبة وأخيراً الاعترافات التي انتهت في الأخير بتلك الليلة التي قضاها هذا الدبلوماسي الساذج في فندق في صوفيا. فيما كان معها في الفندق اقتحم الغرفة مصور فوتوغرافي سجل سلسلة لقطات مما كان يجري. إنها البدعة السوفياتية التقليدية. تزودنا بالمعلومات والوثائق أو تقدم هذه الصور لتتفرج عليها زوجتك وأولادك والصحافة الأميركية؟
كان سكاربك ساذجاً فاستسلم لهم واعترف بما أفضى إلى زجه في السجن لمدة ثلاثين عاماً.
كان ساذجاً ولم يفعل ما فعله الدبلوماسي البريطاني في موسكو عندما وضعوه في الموقف المحرج نفسه. قال لهم: «آه! يا لها من صورة فريدة! رجاء أعطوني مجموعة كافية منها لأفرج عليها زوجتي في لندن».
___________________________
صحيفة الشرق الأوسط