فاكس .. لخبط الدنيا!!
إسماعيل كمال
تأثيرات طلب أفضل لاعب في تاريخ برشلونة الرحيل عن الفريق بعد سنوات طوال اجتاحت كل وسائل الإعلام العالمية والصحف فالخبر أصبح “تريند” على كل مواقع التواصل الاجتماعي خلال أيام قليلة كما شهدت عدة مدن عالمية مظاهرات رافضة لخروج ليونيل ميسي المتوقع.
بعد 24 ساعة فقط من إعلان قائد برشلونة مغادرة النادي الذي ترعرع فيه منذ بداية الألفية الثانية عبر برقية “فاكس” إلى إدارة النادي الكاتالوني، أصبحت كل الأخبار والتحليلات تتحدث بجملة واحدة “ميسي سيغادر”، لا بل تصدر الخبر عناوين أغلب محركات البحث العالمية وعلى رأسها غوغل أمام خبر العام وهو فيروس كورونا الذي تواصل لأشهر عدة في الصدارة أمام كل أخبار النزاعات والحروب والانتخابات السياسية إلى أن جاء ميسي وغيّر كل المفاهيم.
لحظة الفراق ستأتي في أي وقت، اليوم أو غدا أو بعد حين، ليونيل أكدها في تصريح له قبل عام تقريباً حين قال “سيكون لهذه الرحلة الجميلة نهاية في يوم ما، العمر لا يرحم” فمنذ أن وصل لعمر الثلاثين بدأ ميسي الحديث عن احتمالات ختام مشواره الرائع داخل الكامب نو واقتراب الاعتزال أيضاً وذكر في عدة لقاءات أنه يتمنى أن ينهي مشواره الناصع في بلده الأرجنتين حيث عشقه وناديه السابق نيولز أولد بويز.
حبل الحياة بين ميسي وبرشلونة لن ينقطع بسهولة، القصة ليست في فكرة الانتقال إلى فريق آخر، ميسي بشر وشعر بالإحباط في آخر السنوات بسبب إدارة ناد سيطر على أغلب البطولات التي نافس فيها وأصبح الرقم الصعب أمام كل المنافسين، لكن سقوط الموسم المدوي أمام بايرن ميونيخ كان القشة التي قصمت ظهر ميسي بعد عدة سنوات من الصبر والكفاح وتسجيل الأهداف والفوز بالليغا والهداف الذي أصبح شيئاً عادياً لنجم لطالما ارتبطت أهدافه بحسم بطولات كبرى، وهنا بدأت المشكلة الكبرى.
الثقة بين ميسي والإدارة أصبحت معدومة، أصبح ميسي يرى الرئيس جوسيب ماريا بارتوميو وكأنه يسوق لنفسه وليس للفريق أو على الأقل ليس لسطوع ميسي من جديد كما يسوق مع كل نجوم الفرق الأوروبية في الوقت الحالي، شراء صفقات غير مدروسة والتعاقد مع مدربين ليسوا بمستويات بطل أوروبا 5 مرات هو الباب الذي فتحه النجم الأرجنتيني لتغيير الأجواء خارج المدينة التي عاش فيها منذ أن كان طفلاً .
أرقام الأسطورة الحية القياسية تتكلم عن نفسها، فميسي حقق رقماً إعجازيا في موسم 2012 حيث سجل 91 هدفاً في سجل يصعب تحقيقه في الوقت القريب، كما يعد الهداف التاريخي للفريق الكاتالوني بـ633 هدفاً في 729 مباراة، وقاد برشلونة بحصد لقب الدوري الإسباني 10 مرات كما توج بجائزة الكرة الذهبية لأفضل لاعب في العالم 6 مرات والحذاء الذهبي لهداف البطولات الأوروبية 6 مرات أيضاً، هي أرقام إذا أردنا أن نحللها خلال فترة بقاء ميسي طوال 16 عاماً مع برشلونة نحتاج لمثلها .
الأوضاع داخل النادي الكاتالوني هي الأصعب منذ أن تابعت كرة القدم في النصف الثاني من تسعينيات القرن الماضي والتغييرات التي تحصل من فترة لأخرى داخل الإدارة كانت بسبب أخطاء ليست بالكبيرة ولأجل تطوير مؤسسة رياضية شعارها “برشلونة ليس مجرد ناد كرة قدم”، لكن الهزة الأخيرة بدأت ثورتها تتضح بخروج عدد من النجوم يهاجمون الإدارة ويطالبون التغيير لمصلحة ناديهم الذي ترعرعوا فيه لأعوام وأعوام كما أن جمهور الفريق بدأ يردد كلمة “طفح الكيل” والمطالبة بسحب الثقة لإدارة بارتوميو في سبيل النهوض بالفريق وعودة الاهتمام بقطاع الشباب و مدرسة لاماسيا التي عدّت الأبرز عالمياً في وقت من الأوقات.
ما حدث في نادي برشلونة من إنفاق أكثر من مليار يورو على صفقات خاسرة وضم لاعبين دون مستوى بطل إسبانيا كان مؤثراً، إضافة إلى تحقيق رغبات ميسي في كل مرة خلال التجديد في سبيل الحفاظ على الدجاجة التي تبيض ذهباً، صنع ثورة داخلية وخارجية كشفت عن الصبر الذي تحمله كل أنصار برشلونة حتى إعلان ميسي الرحيل والذي وجه البوصلة إلى بارتوميو وجعل كل أوساط الرياضة والسياسة والفن والاقتصاد يتحدثون فقط عن انتقال ميسي المرتقب .. لكن هل سيكتمل؟ لنرى إلى أين سيقودنا هذا السيناريو من مسلسل “رحيل ميسي عن برشلونة”.