غياب الخطط الوقائية والاستعدادات لمكافحة كورونا.. يُهدّد مستقبل “الانتخابات” في ليبيا
على الرغم من استعدادات المفوضية العليا الوطنية للانتخابات، للتجهيز للاستحقاق الانتخابي المرتقب نهاية العام، إلا أن ملف مكافحة كورونا في ليبيا، قد يُعرقل هذه الجهود، إن بقى الوضع الوبائي على ما هو عليه.
هذا التطور المفاجئ في الوضع الوبائي في ليبيا، جاء في التحديث اليومي الذي يصدره المركز الوطني لمكافحة الأمراض، الذي كشف عن زيادة مفاجئة لعدد الإصابات اليومية، وصلت إلى 1248 إصابة، في بيانه الذي صُدر بتاريخ 7 يوليو.
ولم يقف الأمر عند زيادة الإصابات، بل استدعى زيارة إلى معبر راس اجدير قام بها وزير الصحة بحكومة الوحدة الوطنية، محمد الزناتي، ومدير عام المركز الوطني لمكافحة الأمراض، الدكتور بدر الدين النجار، وعقد اجتماع بمقر الديوانية بالجمهورية التونسية بحضور وزير الصحة التونسي ووالي المنطقة الجنوبية للجمهورية، وتم الاتفاق من الجانبان على الرفع من مستوى الإجراءات الاحترازية والوقائية للحد من انتشار فيروس كورونا ومراجعة الإجراءات الاحترازية المتبعة من الجانبين التونسي والليبي للمسافرين.
ومع زيادة حالات الإصابة في ليبيا، تشهد تونس وضعًا استثنائيا، بعد زيادة حالات الإصابة بالفيروس، الأمر الذي جعل وزارة الصحة التونسية تحثّ المواطنين على التلقيح ضد كورونا، ضمن الجهود التوعوية لاحتواء الوباء.
وعن الاستعدادات أو الترتيبات المتبعة للانتخابات المقبلة في ليبيا نهاية العام للوقاية من الوباء، لم تُعلن أي جهة رسمية في ليبيا، عن أي خطط وقائية من شأنها تضمن عدم تفاقم الوضع الوبائي، وتعمل على تهيئة الأجواء الآمنة للمواطنين في الانتخابات المرتقبة.
المفوضية الوطنية العليا للانتخابات تعلن استعدادها:
في الخامس من شهر يوليو، أعلنت المفوضية الوطنية العليا للانتخابات، عن انطلاق أولى مراحل العملية الانتخابية بافتتاح منظومة تسجيل الناخبين.
وأوضح رئيس مجلس المفوضية الوطنية العليا للانتخابات، عماد السايح، عن انطلاق عملية تحديث سجل الناخبين كأول مرحلة من مراحل العملية الانتخابية المقررة في 24 ديسمبر القادم، جاء ذلك خلال كلمته في الحفل الذي نظمته المفوضية بمناسبة افتتاح مركزها الإعلامي.
وبالنظر إلى أهمية الانتخابات القادمة، والتي يرى فيها الكثير من الليبيين، المنقذ الوحيد لإنهاء الأزمة في ليبيا، والبدء في المرحلة الفعلية للبناء والعمل، وإنهاء المراحل المؤقتة، لم تكشف حكومة الوحدة الوطنية أو المفوضية أو البعثة الأممية ولا مجلس النواب، عن أي خطط أو تدابير وقائية ضد فيروس كورونا.
أهمية الخطط لمواجهة الوباء في ليبيا، في فترة الانتخابات، تُعتبر الضامن الأول لانتخابات في بيئة آمنة، حتى لا تتفاقم الأوضاع وتصل أعداد المصابين لأرقام قياسية قد تُدخل ليبيا في أزمة أكبر من الأزمات التي تواجهها.
تجارب سابقة.. “الانتخابات وكورونا”:
كشف خبراء الصحة العامة، بحسب ما نشرته صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية، في شهر مايو الماضي، أن الانتخابات التي أجريت في ولايات هندية، تعدّ أحد العوامل التي ساهمت في زيادة عدد حالات الإصابة والوفاة بفيروس كورونا، بعد أن نظمت الأحزاب السياسية والقادة، منهم رئيس الوزراء ناريندرا مودي، مسيرات انتخابية كبيرة في بعض الولايات.
وفي الكونغو، توفي المرشح الرئاسي المعارض البارز في الكونغو برازافيل، غي بريس بارفيه كوليلاس، الذي كان يعاني من إصابة مزمنة بفيروس كورونا، بعد ساعات من إغلاق صناديق الاقتراع، في شهر مارس الماضي.
وأوضح مدير حملته إنّ كوليلاس توفي على متن طائرة كانت تقله إلى فرنسا لتلقي العلاج، وقبل ذلك بساعات، ظهر السياسي البالغ من العمر 61 عاماً في مقطع فيديو تمت مشاركته على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث أزال قناع الأكسجين وأخبر مؤيديه أنه “يحارب الموت”، وفقا لما نقله موقع “بي بي سي” عربي.
وفي الولايات المتحدة، التي شهِدت الانتخابات الرئاسية في نوفمبر العام الماضي، كشفت الأرقام عن زيادة الإصابات بفيروس كورونا بين المواطنين، ووصلت في إحدى أيام الانتخابات، إلى 102591 إصابة جديدة.
هذه الأمثلة تؤكد أهمية الاستعدادات الوقائية ضد الفيروس في ليبيا، خاصة وأن الوضع الصحي الليبي لا يحتمل أي مضاعفات في زيادة الحالات، تزامنا مع العدد الكبير الذي لم يتلقى اللقاح حتى اللحظة.
السلالة الهندية “دلتا”:
وُصفت هذه السلالة من فيروس كورونا، بأنها “سلالة الرعب”، لسرعة انتشارها، وأيضا لكونها تهديدا أكبر على الصحة العامة مقارنة بالسلالات السابقة.
ومعدل العدوى من السلالة، أعلى بقرابة 60 في المئة من معدل عدوى بسلالة ألفا، والتي لديها بالفعل معدل عدوى أعلى بنسبة 50 في المئة مقارنة بالسلالة الأصلية لفيروس كورونا.
وتم رصدها في أكثر من 90 دولة حول العالم، مع تأكد تفشيها في الولايات المتحدة والصين وإفريقيا والدول الاسكندنافية ومنطقة المحيط الهادئ، ومؤخرا في بلدان عربية منها تونس، التي تشهد حالات إصابة مرتفعة.
هذه المعطيات، تُشكّل التهديد الأبرز أمام الاستحقاق الانتخابي المقبل في ليبيا، ليس على الوضع الصحي فسحب، بل على مستقبل البلاد لكونها الأخطر أمام الحكومة والأجسام السياسية.
ولعلّ إصابة عدد من أعضاء ملتقى الحوار السياسي في جنيف، كان بمثابة ناقوس الخطر، للعمل على إجراءات جديدة وخطط مستقبلية لضمان انتخابات آمنة في ليبيا.