عليك أن تثق بكلبك

مشعل السديري

الكلب من أذكى الحيوانات، وهو أوفى صديق للإنسان من قبل (أهل الكف) ومن بعدهم، وقديماً في جزيرة العرب من المستحيل أن تجد بيت شعر في البادية لا تجد فيه كلباً، فأهل ذلك البيت ينامون ملء جفونهم، فيما يظل الكلب ساهراً طوال ليله في حراستهم وحراسة مواشيهم.
ولا أنسى منظر كلبة في فيلم (وثائقي)، كانت ترافق عائلة أميركية ذهبت في إجازة إلى حدود المكسيك، وافتقدوا الكلبة وظلوا أسبوعاً كاملاً يبحثون عنها، وعندما يئسوا قفلوا عائدين إلى منزلهم في قريتهم على حدود كندا، وتفاجأوا بها بعد ثلاثة أشهر وهي تأتيهم (جلداً على عظم) من شدة الهزال، وما زال الجميع حائرين كيف استطاعت أن تدل عبر الطرقات السريعة والجبال والغابات والمدن والأنهار، وقطعت أكثر من ثلاثة آلاف كيلومتر حتى وصلت إليهم؟!
وهناك نصب تذكاري في أميركا مصنوع من البرونز لأربع سلالات من الكلاب، وكتب تحته هذه الكلاب لا تقل وطنية عن أي ضابط أو جندي خدم في الجيش.
وفي الحرب العالمية الأولى ساعد كلب يسمى (ستوبي) في اكتشاف غاز سام، ولولا اكتشافه ذاك لهلك آلاف المحاربين، عندها أعطوه رتبة (سيرجنت) ومنحوه وسام الشجاعة وأصبح ذاك الكلب فيما بعد تميمة لجامعة (جورج تاون) في واشنطن.
وقال (لاري بونر) الذي خدم في فيتنام ككشاف مع فرقة الخيالة الأولى في الجيش: إنني مدين بحياتي لكلبي، ولولاه لكنت الآن في عداد الأموات.
ولكن إليكم هذه الواقعة:
ذكرت وسائل الإعلام في كندا أن (ماركو لافوا) ذهب في رحلة على متن زورقه في شمال الكيبيك في يوليو (تموز) الماضي، ولم يعرف عنه شيء من حينها.
وتمكنت السلطات من العثور عليه في 30 أكتوبر (تشرين الأول) في وضع صحي سيئ نقل على أثره إلى المستشفى.
وكشف لافوا أن دبأ هاجم معسكره، فدمر معداته وأتى على الطعام الذي كان معه، غير أن كلبه، أنقذه عندما دافع عنه وخاض معركة شرسة مع الدب حتى طرده، وعاد إلى صاحبه والدماء تغطي جسده.
وما هي إلا ثلاثة أيام حتى وجد الرجل نفسه يتضور من الجوع وعاجزاً عن إحضار الطعام بسبب التواء في كاحله، فأقدم على قتل كلبه وأكله لينقذ نفسه – انتهى.
يظل الإنسان هو الإنسان، والكلب هو الكلب.
وخذها نصيحة مني يا عزيزي القارئ: عليك أن تثق بكلبك أكثر من صديقك الإنسان.
وهذا هو ما أفعله أنا مع كلبتي (كوكي) – مع احترامي لجميع أصدقائي.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
” صحيفة الشرق الأوسط”