“عبث تركيا” يُجبر الجيش على مُجازفة اقتصادية
تقرير 218
ليبيا التي اعتبرها العالم بؤرة خطر على الدول بسبب الفوضى الأمنية منذ عام 2011 لا يزال جيشها يحقق انتصارات على المجموعات الإرهابية في شرق البلاد وجنوبها ويتواجد منذ أبريل الماضي في محيط طرابلس معلنا عزمه إنهاء التشكيلات المسلحة وفرض الأمن وسلطة القانون.
واتخذت القيادة العامة للجيش بعض الإجراءات الاحترازية ضد دول تدعم المجموعات المسلحة من بينها تركيا، التي أعلن عزمه قطع كافة العلاقات معها، ومن ضمنها وقف حركة الطيران مع إمكانية استهداف السفن التركية وعدم السماح بأي معاملات مع أنقرة.
وفي بلد يتطلع لإعادة الإعمار مثل ليبيا، يرى مراقبون أن هذا القرار ستكون له عواقب وخيمة على مستوى المشروعات الاقتصادية بين البلدين وأهميتها خاصة في مجالات العقارات والكهرباء التي تعاني من تردٍّ كبير في ليبيا.
وبحسب المجلس التنفيذي لرابطة المقاولين الأتراك فإن قيمة العقود التركية في ليبيا تبلغ قرابة 29 مليار دولار وبلغت قيمة المشروعات التي ما زالت تحت الإنجاز 19 مليار دولار فضلا عن مشاريع قائمة في قطاع الكهرباء تبلغ قيمتها 2.25 مليار دولار بحسب بيانات رسمية من الشركة العامة للكهرباء، كلها أصبحت مهددة بعدم استكمالها وإطالة أمد الأزمة الحاصلة بسبب ما وصفه مراقبون بأنه تصرف غير مدروس من قبل الجيش الوطني عندما وضع الاقتصاد والإجراءات الأمنية في سلة واحدة في ظل حاجة البلد لاستكمال مشاريع مهمة.
وفي وجه آخر لتأثيرات القرار الاقتصادية، أصبح صغار التجار وأصحاب المشاريع المتوسطة الذي يعتمدون على استيراد السلع الغذائية والبضائع من بينها الملابس مهددون بفقدان تجارتهم أو التأخر في أعمالهم للبحث عن أسواق بديلة عن تركيا وذلك بعد أن ارتفع حجم التجارة البينية بين ليبيا وتركيا مع حلول عام 2019 إلى مليار وتسعمئة مليون دولار.
ويرى مراقبون أن شركات الطيران ستتضرر أيضا من القرار بعد إعلان مطار بنينا وقف رحلاته إلى تركيا الأمر الذي سيجبر التجار على السفر لطرابلس ومنها إلى تركيا ما سيشكل ضغطا على حجوزات الخطوط، كما يعني ذلك ضمنيا أن كل الواردات من السلع التركية ستدخل عبر موانئ غرب ليبيا ” الخمس – مصراتة – طرابلس” ليتمكن التجار من استمرار أعمالهم وسط توقعات بارتفاع التكلفة بسبب دفع مصروفات النقل وخدمات أخرى وتكبد موانئ شرق البلاد خسارة إيرادات المناولة عبر أكثر الخطوط نشاطات إلى ليبيا.
بهذه الخطوة يقول خبراء اقتصاديون إن الجيش حاصر مناطق سلطته على الصعيد الاقتصادي فمدن غرب ليبيا ما زالت تسير رحلاتها الجوية بشكل اعتيادي لتركيا وتستقبل السفن التجارية بشكل يومي ولم تخضع لقرارات الجيش.
أما على صعيد العملة فهناك توقعات بحدوث فارق في قيمة الدينار بين طرابلس وبنغازي أمام الدولار في السوق السوداء في حال منع الحوالات المالية بين المدن التي يسيطر عليها الجيش وتركيا وإن الخطوة المرتقبة ستسهم في انخفاض قيمة الدينار الليبي في غرب البلد لزيادة طلب الحوالات الخارجية من طرابلس.
وفي ذات السياق، أعلنت أجهزة أمنية وضبطية على رأسها الحرس البلدي أمس السبت، عن قيامها بحملات عدة أغلقت على إثرها بعض مطاعم المأكولات التركية والتي يعمل فيها ليبيون وأجانب من جنسيات غير تركية الأمر الذي تسبب في خسائر لأصحابها دون وجه حق وسط مطالبات علا صوتها الساعات الماضية تنادي باستثناء أعمال الخطوط الجوية والتعاملات التجارية والاقتصادية من حظر الجيش على التعامل مع تركيا وإيجاد حلول أمنية بديلة عن هذه الإجراءات.
وكان البنك الدولي قد قدر تكاليف إعادة إعمار ليبيا بمئتي مليار دولار خلال عشرة أعوام اعتبارا من عام 2016 وسط توقعات بتأخير تنفيذ المشاريع بسبب غياب التخطيط والتوترات الأمنية المتكررة.