“عاشورا عاشورتي”.. عاشوراء في ليبيا
خاص .218tv.net
أحلام المهدي
لم نتساءل يوما عن ماهية الاحتفال وأسباب الفرح في البلاد، وكان كل مانفعله ينصب حول الانخراط فيه بكل تفاصيله، دون أي اعتبار لأصله الديني أو السياسي أو الاجتماعي، يوم “عاشوراء” في ليبيا، إنه قيمة العطاء التي تجسدها صحون “الفول” المطبوخ و”الحمص” التي تتنقّل بين البيوت رغم أن لها نفس الطعم ونفس الرائحة، لكنها تحمل نكهة “ودّ الجار” الذي لا ينضب، لتُعاوِد حبّاتُ الشعير الظهور من جديد ليلة “عاشوراء”، بعد ظهورها في رأس السنة الهجرية، وتكون “الهريسة” و”القدّيد” طعام المناسبة.
“عاشوراء” في ليبيا، رائحة “الحنة” في ملابس الجدات، ولونها الداكن في أصابعهن المتشققة، المتوهّج على خصلاتهن البيضاء، إنها دهشة تجربة لون “الكحل” للمرة الأولى في عيون الطفلات، وفرصتهن لقصّ بضعة سنتيمترات من شعورهن، إنها “الشيشباني” الذي لم يغادر يوما ملاعب الطفولة إلا ليعود إليها، “عاشوراء” ودون أية اعتبارات أخرى هي فرحٌ طفولي لامع في عيون الأطفال وهم يقتسمون حصيلة جولتهم في شوارع الحيّ من قطع نقدية قد تكثر وقد تقلّ.
لقد حوّلت جداتنا هذا اليوم إلى قيمةٍ ليبيةٍ خالصة إضافةً إلى قيمته الدينية التي لم تبرحه لأن صيام هذا اليوم من أهم ما يحرص الجميع عليه، فيستقبله الليبيون ويُسبِغون عليه شيئا من هويتهم الدينية والاجتماعية، فلا ينتهي حضوره في حياتهم مهما خفت.