طارق متري: الليبيون يتوقون إلى الاستقرار
قال مندوب الأمم المتحدة السابق إلى ليبيا، طارق متري، في حديث صحفي، إن الانتقال من الأنظمة الاستبدادية إلى الديمقراطية، ولا سيما في ليبيا، أكثر صعوبةً مما كان متوقّعاً، عقب فشل العملية السياسية في تحقيق التهدئة أو المصالحة أو بناء دولة.
وذكر أن إسقاط “القذافي” كشف مخاطر التشرذم، فلم يكن المجتمع الدولي، خاصةً الدول التي تدخلت عسكرياً في عام 2011 ومجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الذي شرّع التدخل؛ قادراً على منع مخاطر التفكك الفعلي ولم يقدم مساعدةً كبيرةً في استعادة وحدة ليبيا، وبناء مؤسساتها مرة واحدة.
وأوضح “متري” أن الدور الغربي في الإطاحة بالأنظمة الاستبدادية في العالم العربي غالبًا ما يكون مبالغًا فيه، فقد أخفت الدول الغربية أهدافاً أخرى لها من وراء التدخل العسكري في ليبيا والذي جاء تحت ذريعة حماية المدنيين؛ إلا أنه وبمجرد الانتهاء من مهمة الإسقاط انسحبت وتركت خلفها حالة من الفوضى والخراب.
ونوّه بأن عدم الاستعداد لتحمل المسؤولية الكاملة عن أفعالها، لم يضعف فقط شرعية التدخل العسكري، ولكن أيضًا مبدأ مسؤولية الحماية، مشيراً إلى أن الليبيين يتوقون إلى الاستقرار.
وأضاف “متري” أن ليبيا بعد فترة وجيزة من التدخل العسكري في عام 2011؛ أصبحت ساحة معركة خاضت فيها الميليشيات والعديد منها كتائب ثورية، حروبها الصغيرة ، ولكن أيضًا حروباً بالوكالة من قبل قوى إقليمية، وفي حالات قليلة دولية، معتبراً أن تركيا وروسيا لاعبان جديدان نسبيًا في ليبيا على الرغم من مشاركتهما عسكريًا بطريقة غير مسبوقة من خلال إرسال مقاتلين إلى ليبيا، في ظل مطالبات دولية بسحب جميع المقاتلين الأجانب.
في حين يأمل الليبيون في أن تكون القيادة السياسية الجديدة التي قد تنبثق عن الانتخابات المقبلة في وضع أفضل لحشد الدعم الدولي لانسحاب القوات الأجنبية، وبالنظر إلى الانفتاحات الأخيرة في المنطقة؛ قد تقرر تركيا حصر نفوذها في ليبيا في المجاليْن السياسي والاقتصادي.
ولفت “متري” إلى أن تكريس مبدأ الهوية الضيقة بشكل متزايد غالباً ما يؤثر على الخصومات السياسية التي قد تتفاقم بسبب المنافسة الانتخابية القادمة، وهو ما يدعو للقلق من أنها ستعمّق الانقسامات مستشهدا بما حدث في انتخابات 2014، طالما ظلت ليبيا من دون قوة أمنية محايدة سياسيًا وقضاء مستقل؛ فإن الانتخابات ليست بالضرورة خطوةً إلى الأمام في الانتقال نحو دولة ديمقراطية وموحّدة.
واختتم حديثه بالقول إن ليبيا بحاجة إلى عملية سياسية شاملة لبناء دولة موحدة وفاعلة، فالانتخابات في حد ذاتها ليست بديلاً عن السعي لإجماع وطني حول القضايا الرئيسة الخلافية بين الليبيين منذ عام 2011 ، والتي تسببت في انقسامات في مؤسسات البلاد.
يُشار إلى أن طارق متري هو رئيس جامعة القديس جورج في بيروت، وتم تعيينه وزيراً لبنانياً مرات عدة، قبل أن يكلفه الأمين العام للأمم المتحدة آنذاك بان كي مون للعمل كممثل خاص لليبيا في الفترة 2012-2014.