ضغط دولي على تركيا بعد انسحابها من اتفاقية لحماية المرأة
نددت الولايات المتحدة وزعماء أوروبيون بما وصفوه بقرار تركيا المحير والمثير للقلق بالانسحاب من اتفاقية دولية تهدف لحماية النساء من العنف وحثوا الرئيس رجب طيب أردوغان على إعادة النظر فيه.
وكانت حكومة أردوغان قد انسحبت يوم السبت من اتفاقية إسطنبول، التي انضمت إليها في 2011 بعد صياغتها في تلك المدينة وهي كبرى المدن التركية. وقالت تركيا إن القوانين المحلية لا الحلول الخارجية هي التي ستحمي حقوق النساء.
ووفق “رويترز”، فإن الاتفاقية التي أشرف عليها مجلس أوروبا تتعهد بمنع العنف الأسري ومقاضاة مرتكبيه والقضاء عليه وتعزيز المساواة. وكانت جرائم قتل النساء قد ازدادت في تركيا في السنوات الأخيرة وشاركت آلاف النساء يوم السبت في احتجاج على قرار الحكومة في إسطنبول ومدن أخرى.
وعبرت الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا والاتحاد الأوروبي عن الانزعاج الشديد من هذا القرار وكانت تلك ثاني مرة خلال أربعة أيام ينتقد فيها قادة أوروبيون أنقرة بسبب قضايا حقوقية وذلك بعد تحرك الادعاء التركي لإغلاق حزب سياسي مؤيد للأكراد.
وقال الرئيس الأمريكي جو بايدن إن انسحاب تركيا من الاتفاقية أمر “مخيب للآمال بشدة”، ويعد خطوة إلى الوراء في الجهود المبذولة على مستوى العالم لإنهاء العنف ضد المرأة.
وأضاف بايدن في بيان صدر اليوم الأحد “نرى في أنحاء العالم زيادة في عدد حوادث العنف الأسري بما في ذلك تقارير عن ارتفاع جرائم قتل نساء في تركيا… على الدول أن تعمل على تعزيز وتجديد التزاماتها بإنهاء العنف ضد المرأة، وليس رفض الاتفاقات الدولية الهادفة لحماية المرأة ومحاسبة المنتهكين”.
وقال جوزيب بوريل مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي مساء يوم السبت “لا يسعنا إلا أن نبدي أسفنا العميق ونعبر عن عدم فهمنا لقرار الحكومة التركية”.
وأضاف أن القرار “يجازف بتعريض حماية النساء والبنات في تركيا وحقوقهن الأساسية للخطر ويطلق رسالة خطيرة في مختلف أنحاء العالم. ومن ثم لا يسعنا إلا أن نحث تركيا على العدول عن القرار”.
وفي تغريدة نشرت على تويتر اليوم الأحد قالت أورسولا فون دير لاين رئيسة المفوضية الأوروبية التي تحدثت مع أردوغان قبل يوم من القرار التركي “النساء تستحق إطارا قانونيا قويا لحمايتهن” ودعت كل الأطراف الموقعة على الاتفاقية إلى المصادقة عليها.
كما عبر مجلس أوروبا، الذي يضم 47 دولة، عن أسفه لهذا القرار.
وكانت الاتفاقية قد أثارت خلافات في حزب أردوغان، العدالة والتنمية الحاكم، بل وفي عائلته. وطرح المسؤولون الانسحاب من الاتفاقية العام الماضي وسط نزاع على كيفية الحد من العنف الأسري في تركيا حيث زادت جرائم قتل المرأة إلى ثلاثة أمثالها في عشر سنوات وفقا لما قالته جماعة حقوقية.
غير أن عددا كبيرا من المحافظين في تركيا وفي حزب العدالة والتنمية ذي الجذور الإسلامية يقولون إن الاتفاقية تقوض البنية الأسرية وتشجع على العنف. ويعترض البعض على موقفها من التمييز على أساس التوجه الجنسي.
وقال مدير الاتصالات الرئاسية في تركيا فخر الدين ألتون في بيان “اتفاقية إسطنبول، التي كانت تهدف في الأصل إلى تعزيز حقوق المرأة، اختطفها مجموعة من الأشخاص الذين يحاولون تطبيع المثلية الجنسية، وهو ما يتعارض مع القيم الاجتماعية والعائلية في تركيا. ومن هنا جاء قرار الانسحاب”.
وقالت باريس إن انسحاب تركيا يمثل ردة جديدة فيما يتعلق بحقوق الإنسان بينما قالت برلين إنه لا يمكن أن تكون الثقافة أو الدين أو التقاليد “ذريعة لتجاهل العنف ضد النساء”.
وتأتي الضغوط الدبلوماسية بعد أن قالت أوروبا والولايات المتحدة الأسبوع الماضي إن التحرك لإغلاق ثالث أكبر حزب في البرلمان التركي وهو حزب الشعوب الديمقراطية المؤيد للأكراد يقوض الديمقراطية في تركيا.
وفي المكالمة الهاتفية يوم الجمعة بحث أردوغان وفون دير لاين وشارل ميشيل رئيس المجلس الأوروبي نزاعا هدأت حدته على الموارد البحرية في شرق البحر المتوسط.
وستتناول قمة يعقدها الاتحاد الأوروبي هذا الأسبوع العلاقات مع تركيا.