صراع النفوذ يُحول طرابلس إلى ساحة حرب
تحولت العاصمة إلى ساحة للصراعات السياسية منذ دخول الكتائب المسلحة إلى طرابلس في أغسطس 2011، إذ يسعى كل فصيل إلى توسيع نفوذه وضرب خصمه الآخر على حسابها.
كأن القدر كتب على طرابلس أن تعيش نفس السيناريو ولكن بصور مختلفة وممثلين مختلفين، العاصمة المقهورة منذ سبع سنوات شهدت حروباً عدةً واشتباكات بين فترة وأخرى، منذ دخول الكتائب المسلحة وبداية انتشارها في المزارع والاستراحات إلى السيطرة على المؤسسات العامة والخاصة بحجة تأمينها وحمايتها، أما الحقيقة فهي أن المتر في طرابلس لا يقاس بالمال فقط، بل حتى بمقدار ما سيحقق من نفوذ سياسي وحضور عند رأس السلطة ومشاركة في صياغة القرار.
مرت طرابلس الجريحة بمحطات مختلفة من حيث الشكل لكن جميعها كانت متقاربة من حيث المضمون من اشتباكات متقطعة عام 2012 و2013 إلى خروج الكتائب من غرغور ، إلى حرب فجر ليبيا ثم حرب الكتائب المعترفة بحكومة الوفاق والرافضة لها، وأخيراً إلى حرب اللواء السابع وكتائب من طرابلس، كلها محافل وتواقيت يحضر فيها السلاح وتنهمر فيها المدافع على رؤوس السكان، فيموت أفراد ويهرب آخرون وتسقط المباني وتتهاوى.
الحرب في طرابلس حرب نفوذ وصراع سياسي، كل فصيل يريد تقوية حضوره، وهذا لن يأتي إلا بتحجيم الفصيل الآخر، والتحجيم بطبيعته لن يتأتى إلا بانتهاج العنف واستعمال الشعارات المغرية الرنانة كمحاربة الإرهاب ومحاربة الجريمة وطرد العابثين.
بعد كل هذه الحروب المنهكة لجسد طرابلس الذي بات ضعيفاً لا من حقيقة سوى أن الواقع قد يبلع ميليشيات لكنه سيأتي بأخرى قد تكون أكثر قسوة وهمجية وفحشاً من سابقاتها لتظل العاصمة رهينة بيد العابثين الذين طووا تاريخها الممتد لأكثر من عشرين قرنا، ولم يعرفوا يوماً ماذا تعني السرايا وتمثال سيفيروس، وماذا يعني أيضاً وصف عروس البحر التي تحولت إلى عجوزٍ متهدلة الأطراف وضعيفة القوى.