شهادات وتسجيلات مصورة تعيد قضية تغييب “بانون” إلى المشهد
كشف سراج بانون شقيق الناشط الحقوقي عبد المعز بانون أنه استلم خلال السنوات الماضية مقاطع فيديو مسجلة تظهر ملثمين وهم يستجوبون ويعذبون شقيقه في سجن الهضبة الذي كان يديره خالد الشريف وزير الدفاع السابق قبل طرده منه عام 2016.
وأكد بانون الذي أعلن لأول مرة عن استلامه هذه المقاطع خلال حلقة حوارية مع الناشط السياسي حسام القماطي على منصة Clubhouse مساء الأربعاء 20 سبتمبر الجاري، أن الفيديوهات سلمها له منذ أربع سنوات هيثم التاجوري آمر كتيبة ثوار طرابلس، والذي حصل عليها بدوره عند سيطرته على سجن الهضبة عام 2016 وفرار خالد الشريف والتشكيل المسلح التابع له.
وأشار سراج بانون أنه علم لأول مرة عن هذه التسجيلات قبل أن يستلمها بسنوات، وذلك عن طريق منشور للمدونة التي كانت تحرض بشكل مستمر على عبد المعز قبل اختطافه غيداء التواتي ، نشرته في 27 يوليو 2014 وجاء فيه أن “قناة ليبيا الوطنية رفضت بث تسجيل لاعترافات عبد المعز بانون” وأن هيثم التاجوري، حسبما ادعت، كان متجهاً لتسليم التسجيل لقناة ليبيا الرسمية، وهو ما لا يمكن إثباته ولكنه يشير لوجود التسجيلات حسب قول سراج بانون.
وشهدت الحلقة الحوارية التي استمرت لساعات مداخلات عدد كبير من المهتمين والحقوقيين المتابعين للقضية، ومن بينهم أحد أصدقاء بانون الذي روى لقاءه بأحد الفارين من سجن جهاز الردع في طرابلس، والذي ادعى أنه رأى بانون محتجزاً في القاطع الثامن بسجن معيتيقة عام 2018، وأنه يخضع لإجراءات حراسة مشددة تمنع خروجه من القاطع لمدد طويلة تصل لـ6 أشهر، وقال الشاهد إنه التقاه مرتين أثناء تناول وجبات الطعام داخل السجن.
فيما أشار مسلم القماطي الذي تداخل خلال الحوار أنه التقى عناصر أمنية انشقوا عن جهاز الردع منذ عام 2014 وانضموا للجيش في شرق البلاد، أكدوا له أن المدعو خالد بريدان من جهاز الردع “ضالع في اختطاف بانون وتغييبه” حسب قولهم .
هذه الاتهامات نفاها بشدة الناطق باسم جهاز الردع أحمد بن سالم في نفس الحلقة الحوارية، مؤكداً “حرص جهاز الردع على البحث عن الحقيقة وكشف ملابسات اختطاف بانون وعرضها على الرأي العام”، داعيا الشهود لتوثيق شهاداتهم بشكل رسمي لدى النائب العام أو أمام الجهات العدلية في أي مكان في البلاد، متعهداً في الوقت نفسه بتقديم المساعدة في التحقيقات ومحاسبة من يثبت تورطهم في عملية الاختطاف “بصرف النظر عن سلطتهم ومركزهم”.
خلال ذات الحلقة قال أسامة الببوش أحد أصدقاء بانون وآخر من تواصل معه هاتفياً قبل اختطافه، أن عبد المعز كان يتعرض لتهديدات بشكل متواصل من قبل التيار السياسي المناهض لحراك “لا للتمديد” الذي كان أحد قياداته، ويتزعم هذا التيار القياديان سابقاً في الجماعة الإسلامية المقاتلة والمقيمين حالياً بتركيا، خالد الشريف وسامي الساعدي، حيث اتهمهما الببوش بشكل مباشر بالضلوع في عملية الاختطاف مؤكداً تهربهما من الإجابة عن الأسئلة المتعلقة بمصير بانون في الكثير من المناسبات.
في ذات السياق أبدى سراج بانون استياءه من عدم تفاعل الأجهزة الأمنية والمؤسسات الرسمية مع قضية شقيقه المختطف منذ سبع سنوات، حيث مازالت “التحقيقات تراوح مكانها منذ فتح المحضر بخصوص الواقعة في مركز عين زارة” حسب قوله، كما انتقد “تهرب حكومة الوحدة الوطنية من تحمل التزاماتها” والتي استلمت، بحسب سراج، الشكوى التي تقدم بها لرئاسة الوزراء بشكل غير رسمي.
ونفى سراج بانون الأنباء التي تتحدث عن وجود عبد المعز خارج ليبيا، واصفاً إياها بـ”الإشاعات المتعمدة” التي تهدف للتضليل وتعطيل التحقيقات وطمس حقيقة مصير شقيقه.
يذكر أن الناشط المدني عبد المعز بانون الذي عرف بنضاله ضد تيارات الإسلام السياسي، كان قد اختطف من سيارته وسط العاصمة طرابلس في يوليو 2014 على أيدى مسلحين، وتضاربت الأنباء حول مكان احتجازه في ذروة الصراع المسلح المحتدم للسيطرة على مطار طرابلس بين تحالف من بعض المدن تحت قيادة كتائب من مدينة الزنتان، والتشكيلات التابعة لعملية فجر ليبيا في حينها.