شريحة تعالج الأمراض: العبقري المجنون يضرب مجددًا!
دائمًا ما كان هناك عباقرة على مدار التاريخ، وفي مختلف العلوم بدون شك. لكن في الآونة الأخيرة، ظهر على الساحة رجلٌ ليس بعالم، لكن كل تصرفاته منبعها العلم ذاته. إنه إيلون ماسك، الرجل الذي سخّر أمواله الطائلة لخدمة البشرية، وتحقيق المستحيل.
فبينما ناسا تكافح مع الحكومة الأمريكية للحصول على ميزانية أكبر، قام ماسك بعمل صواريخ تعود إلى منصّات إقلاعها بدون خدش. وبينما علم الأعصاب يعاني من تباطؤ التقدم بسبب مافيا الأدوية، قدم لنا شريحة محطمة لكل الحدود.
في مؤتمر مباشر على الإنترنت، صعد العبقري المجنون على المنصّة، وطفق يشرح آلية عمل شريحته الجديدة. وهي شريحة من تطوير شركته Neuralink، والفريق القائم عليها عدد أفراده حوالي 100 فقط. تلك القطعة الصغيرة التي لا يزيد حجمها عن حجم عملة معدنية، قادرة على ضبط الكثير والكثير من معدلات الهرمونات والحركات في الجسم؛ بشكلٍ يحول دون مجيء الأمراض، ويحقق الصحة لصاحبها حتى آخر يوم في عمره. الفكرة كلها تقبع في كَون القطعة مكونة من 1024 قطبًا كهربائيًّا، وكل قطب منهم يُغرس في منطقة معينة من المخ، وبدوره يتحكم في حوالي 10 آلاف خلية عصبية. وبما أن الجهاز العصبي عبارة عن شبكة مترابطة، فتستطيع تلك القطعة التحكم في ملايين الملايين من الخلايا العصبية؛ وبالتالي تعمل على تغيير مسار إشاراتها بطريقة إيجابية.
أو هذا على الأقل ما زعمه ماسك، حيث بعدها مباشرة عرض تجربة حيّة على مجموعة من الخنازير الموضوعة في أقفاص، وتتعامل بشكلٍ طبيعيّ للغاية مع المربين. المثير للدهشة أن الخنزير الزارع للشريحة، يتصرف مثل الخنزير غير الزارع بالضبط. كما أنه كان هناك خنزير آخر زرع 2 من الشرائح سويًّا، وأيضًا يتصرف بمنتهى العفوية. وقبل أن يُسأل ماسك عن معيارية أمان الشريحة عند نزعها إذا أراد المرء التخلي عن العَون الإلكتروني؛ بالفعل أظهر خنزيرًا آخر يتعامل بسلوك فطري وسوي، بعد أن تم نزع الشريحة منه.
يقول ماسك أن حياة الإنسان كلها مرهونة بالإشارات الكهربائية التي تصدر من المخّ، وتسير في شبكة الخلايا العصبية. فإذا أمكننا التحكم في كيفية خروج وتوزيع تلك الإشارات، ربما سنمنع هرمون ما من العمل في غير وقته، وربما نحول دون تحقيق حركة عضلات خاطئة من الممكن أن تكسر عظام صاحبها. لذلك الهدف الرئيسي من الشريحة هو علاج (وأيضًا الوقاية من) الأمراض التي تصيب الإنسان مع الوقت؛ مثل الشلل، العمى، فقدان الذاكرة، الاكتئاب، القلق والتوتر، وغيرها من التداعيات المنطقية للتفاعلات البيولوجية التي تحدث بداخل أجسادنا؛ سواء كنا شبابًا أو عجزة.
مع الوقت، بدأ اهتمام الحاضرين في الزيادة، ودهشتهم ارتقت إلى عنان السماء. ولإشعال الأمور أكثر، صرّح أن الشركة استطاعت الحصول على إذن إدارة الغذاء والدواء – FDA للبدء في عمل التجارب السريرية. هذه الخطوة مهمة جدًا في الواقع، حيث بعدها لن يتبقى سوى بعض التصريحات، وتكون الشركة جاهزة لاستقبال المتطوعين. كما أنه تغنّى بفعالية الروبوت القائم على العملية الجراحية، وأن المتطوع سوف يذهب إلى المشفى في الصباح، ويخرج بعد الظهيرة، وكأن شيئًا لم يكن.
من الناحية الأخرى، دائمًا ما تحوم حوله -وحول اختراعاته- آلاف الشكوك. قال إن الشريحة تعالج كل هذا، لكن الذي ظهر في التجربة الحيّة هو قراءة آنية لإشارات المخّ فقط، مع وجود بعض المقاطع المصورة لكيفية تأثير الشريحة على الخلايا العصبية المتحكمة فيها. لكن في النهاية، تظل المقاطع مجرد مقاطع، وتظل القدرة الحالية للشريحة هي قراءة الإشارات فقط. إنه يعلم القدرات المحدودة للشريحة مقارنة بالنتائج المطلوبة، والدليل هو أنه في نهاية المؤتمر طلب من العلماء والمتخصصين أن يأتوا للعمل في شركته، لضمان تطوير تلك الشريحة، والوصول بها إلى الأهداف الحقيقية المرجوّة منها.
لا تعتقدوا أن ماسك هو أول من طرح هذه الفكرة، فقط طرحها مسلسل Black Mirror من قبله. فبمنظور الخيال العلمي، قدم المسلسل في إحدى حلقاته السوداوية، وتحديدًا في الحلقة الثالثة من الموسم الأول تحت عنوان The Entire History of You؛ فكرة غريبة للغاية. حيث انطوت قصة الحلقة على شريحة تستطيع تسجيل كل ما يعاصره الإنسان في حياته، بل ويمكنها عمل تقريب للصورة الملتقطة عن طريق العين، وكشف تفاصيل لا يستطيع الإنسان العادي كشفها. كما أنها تمكنك من تسجيل تلك الذكريات في أرشيف، أو حذفها تمامًا. وكذلك نفس الأمر تناولته مجموعة حلقات أخرى، لكن بمفهوم التأثير السلبي للتكنولوجيا على حياة البشر.
هل سيستطيع إيلون ماسك فعلًا تحقيق ما يريده؟ وهل ستكون الشريحة نعمة للبشرية، أم نقمة عليها؟ هذا ما ستثبته الأيام حتمًا.