سننسى الشهداء!
محمد العجمي
“الشهداء في القلب والذاكرة”، جملة ترد بكثرة، وربما الذاكرة الفلسطينية، بوصفها إحدى أكثر الذاكرات العربية امتلاء بثقافة الحرب في القرن العشرين، وبدايات الواحد والعشرين بسبب حربها المستمرة ضد الاحتلال، صار مصطلح الشهداء في أدبها وفكرها أغزر ما يمكن.
سوى ذلك، كان المصطلح حكراً على تيارين، أبعد ما يكونان عن بعضهما، فإما اليمين المتطرف، مستخدماً المصطلح الديني، لوصف الشهداء، أو الجانب المناظر من اليسار، الذي يعتبر ضحاياه على يد الأنظمة أو الاستعمار شهداء فكر.
لكن المصطلح تمدد، ليشمل بعد ضحايا الأنظمة القمعية، ضحايا الحروب الأهلية، في لبنان والسودان بداية، ومن ثم كل تمرد أو ضحية سقطت على امتداد الرقعة الجغرافية الناطقة بالعربية أياً كان سبب الموت.
بعد اضمحلال المصطلح قليلاً، أعادته سنة 2011 وموجة الانتفاضات المسماة اصطلاحاً، الربيع العربي، ليصبح ضحايا المظاهرات، والاشتباكات، أو الحروب الأهلية مثل ليبيا وسوريا جميعهم شهداء.
في ليبيا وعلى وجه الخصوص، أخذ الأمر منحى آخر، فكان ضحايا الاغتيالات والتفجير والمفخخات، أبرز الأسماء الذين بقوا في الذاكرة، عاماً بعد عام، يحسبها البعض بكائية عشوائية، لكن قلة، يعرفون طعم الوجع، لم تربطهم بالضحايا سوى روابط الفكر والإحساس، يعرفون معنى الفقد.
اليوم إن طرقت باب الذاكرة، فسأتذكر أسماء بعينها، بسبب شهرتها، أما آخرون، فسأتذكر الساعة واليوم، وكيف أذيع الخبر، أو علمته، بسبب معرفة تربطني بهم، أو بأشخاص قريبين إليهم.
يحسب البعض، أن عدم تذكر هذه الاغتيالات، أو الحديث في تواريخها، هو نسيان، سيكبر مع الأعوام، حتى تطوي الذاكرة هذه الأسماء المحفورة عميقاً في القلب.
لكن ما لا يدركه، رواد الأحداث الطارئة، والترندات، أن الشهداء حقيقة، بغض النظر عن أصل التسمية، في “القلب والذاكرة”.