سلطة الشعب: القذافي لم يمت!
حمزة جبودة
قبل سنة من هذا المقال، كتبتُ في موقع القناة مقالا، عن سلطة الشعب وذكراها التي كان الاحتفال بها في جماهيرية القذافي من كل عام في الثاني من مارس. وذكرت مجازيا أن ” القائد” يتأهب للاحتفال ومخاطبة شعبه في قلب ” الساحة الخضراء”، قائلا لهم: هذه الثورة ثورتكم، احتفلوا فالسجون مليئة وعبدالله السنوسي يتفقدها بعناية.
تأتي ذكرى أخرى لسلطة الشعب،في العام السادس من السابع عشر من فبراير، وتأتي معها أحداث دموية ، حطبها الوحيد الإنسان في ليبيا.
ولأننا ذكرناها، يجب أن نعيد صياغة ما كتبنا قبل عام، حتى نُوضّح الصورة بشكل أوضح، ونضع النقاط على جدران البيوت التي شبعت بأسماء من كانوا يومًا رفاق الدرب، وغادروا.
قبل يوم من هذه الذكرى، قُتل عمر اشكال، أحد الذين كانوا يوما أعمدة الخيمة، وكانت سيرة مقتله في صفحات التواصل، أشبه بيوم تصالحي بين كل الليبيين، الذين تجاوزوا مراحلهم الثورية، واتفقوا أنه ليبي، قبل كل شيء. وهذا شيء جيد مُقارنة بما حدث ويحدث بين آل سبتمبر وفبراير في صراعاتهم الفكرية حول العمالة والنخوة.
أما عن الثوار ومن ورائهم في زمن فبراير، فإنهم فشلوا في تحقيق أي هدف من الأهداف التي يُنادون بها، بل وتورطوا في تحقيق فشل يليق بتاريخهم الثوري، الذي بدأوه بإزالة حاكم سرق قوت الشعب ونصّب من يعرفهم في دولته! وبعدها اكتشفوا ان عدوهم قد قُتل، وأنهم يجب أن يبحثوا عن عدوٍ جديد، لكي تستمر الثورة، وتبقى المرحلة الأولى منها مُشتعلة ومتقدة لا تنطفئ. وهذا ما جعل البعض يعتقد ويتوهم أنه خليفة القذافي في ليبيا، وأنه قادر على بسط سلطته العسكرية والسياسية، على الأرض، وما يحدث في طرابلس، نموذج مُصغرٌ للجماهيرية الثانية.
وبدءً من الجماعة المقاتلة، التي كانت في ضيافة سيف الإسلام القذافي، إلى جماعة الإخوان التي اجهضت يومًا مؤتمرا ضد القذافي في لندن.
هذا النموذج البسيط، لهذه الكيانات، خلقت لنفسها أزمة من فراغ، وتوهّمت بقصد أو بدونه، أن ليبيا ستعود لحكم الفرد الواحد، وأن سلطة المال والمليارات والسلاح، ستجعلها وريثا شرعيا ما بعد الجماهيرية.
هذه الأدوات استخدمها القذافي في مراحل حُكمه، وكانت معه في مواقف كثيرة. أما اليوم فلم تعد تخدم أحدا في ليبيا، ولن تخدم أحد في أي مرحلة مُقبلة، مهما حاول صنع المليارات، أو شراء السلاح، أو ذمم بعض الساسة، وتجار الحوار السياسي. لسبب واحد لا أكثر، أن ليبيا قد مُزقت ملكيتها، وأصبحت في أسواق كُبرى، تتحكم في ارثها ومستقبلها، مثلما يتحكم الصغير في ألعابه.
لذا سلطة الشعب،لم تعد صالحة في زمن القادة، وزمن الثوار الجدد، الذين يُردّدون شعاراتهم ويثبتون انها حروب وتهجير ودمار على كل ليبيا، وانهم خسروا معركتهم أمام القذافي حتى الآن!
لنعد الآن لسلطة الشعب، ذكراها التي تصادف الثاني من مارس، ونقول بصوت الثوار: احرقوا طرابلس، التي لم يجرؤ البراني اشكال على حرقها، لكم أن تفعلوا هذا، ولنا أن نكتب تاريخكم الحقيقي، بعيدا عن عُقدة العقيد وسجونه