ترجمة خاصة 218
وصف تقرير أعده المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية مؤتمر باليرمو الدولي الذي تم تنظيمه في إيطاليا مؤخراً بأهم تطور بالتاريخ الحديث لليبيا.
وأشار التقرير إلى أن المؤتمر لم يكن مجرد قمة رفيعة المستوى بل تعبيرا جديدا عن الرأي العام حول مستقبل ليبيا، فيما مثلت الدعوات المشجعة من الشركاء الدوليين إلى الليبيين بالتوجه إلى صناديق الاقتراع تحريكاً للمياه الراكدة في البلاد؛ لأن الانتخابات كانت وما زالت الحل الذي يميل الشركاء للتوصل إليه، إلا أنه لا يوجد دليل أكبر على عدم فعالية أو كفاية الانتخابات لحل الأزمة المتأصلة في ليبيا حتى الآن.
ومضى التقرير بالتوضيح قائلاً إن النظام الديمقراطي الشامل الذي يفضله الليبيون وشركاؤهم يختلف بشكل أساسي عن النظام الديكتاتوري لأن القلة قد أدركت الآن أن ليبيا لا تزال ديكتاتورية إلى حد كبير، فالطاغية قد مات بذات السيف الذي اعتمد عليه للبقاء لكن أدبيات دولته الدرامية مازالت باقية.
ووسط كل هذا يتواجد الليبيون الذين ما انفكوا منذ العام 2012 عن سؤال المجتمع الدولي عن الخطوة القادمة ولكن السؤال الأبرز هل غادروا النقاشات التي تدور حول ما تحتاجه ليبيا أم لا؟
ولهذه المقدمة ما يبررها لأن ما حصل بشأن ليبيا خلال الشهر الماضي قد يمثل أفضل تقدّم منذ نهاية الحرب إلا أن هذا التقدم لم يكن خلال اللقاء الذي جمع الكيانات الليبية والدولية في باليرمو، بل من خلال التقرير الصادر مؤخراً عن مركز الحوار الإنساني الذي أعدّه المبعوث الأممي غسان سلامة ليكون نتاجاً لما لا يقل عن 77 استشارة في جميع أنحاء ليبيا سبر من خلالها المركز آراءً حول الرؤية الوطنية لدى مختلف الفصائل والمجتمعات والمنظمات الليبية بشأن واقع البلاد.
ومثّل تقرير سلامة محاولة غير مسبوقة لتحديد نقاط واسعة النطاق لتوافق الآراء المستقاة من الهيئة السياسية الليبية بهدف تحقيق الاستقرار في ليبيا وهو ما لم يتم خلال أي عملية سابقة قادتها بعثة الأمم المتحدة أو تمت بقيادة دولية.
وأشار تقرير المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية إلى أن استبيان الرأي الذي وضعه مركز الحوار الإنساني بالخصوص يسعى لاستنباط الآراء الشعبية بشأن القضايا التي أصبحت نقاط حوار موسعة، أو تلك التي تتصارع النخب السياسية بشأنها، وحتى تسعى من خلالها لإعاقة أي تقدم يحصل، إذ مثل ورود مواقف توافقية بشأنها أمر مهم يصب في إطار حلها.
وأورد التقرير مثالاً لهذه المواقف التوافقية التي صدرت عن الخبراء بشأن أهمية بقاء ليبيا موحدة كشرط أساسي لرفع التجميد عن الأموال الليبية ورفع حظر توريد السلاح المفروض من الأمم المتحدة، فيما سعى سلامة من خلال تقريره لتقديم ورقة عمل لما يجب أن تقوم به الحكومة في ليبيا على الصعيد الداخلي فيما يتعلق بتقاسم السلطة والموارد ومعالجة الأوضاع الأمنية.
وتحدث الخبراء أيضا عن الحاجة لإنهاء المرحلة الانتقالية التي بقيت ليبيا عالقة فيها منذ العام 2012 من خلال وضع اللمسات الأخيرة على الدستور، والعودة إلى الخيار الانتخابي رغم كون الدعوة لهذا الخيار مشوشة إلا أنها تمثل تتويجاً لعملية بناء الدولة، لتكون العملية الانتخابية المرتقبة مختلفة عن سابقاتها شريطة تنفيذ كافة التوصيات الواردة في تقرير سلامة.
وأضاف الخبراء أن المطلوب خلال المرحلة المقبلة أيضاً دعم فكرة إنشاء نظام لا مركزي قوي وتحقيق المصالحة والمساعدة في توليد الخبرة والنضج السياسي المطلوبين لدى المشرعين الليبيين والمواطنين الملتزمين سياسياً، على أن يتم نشر التقرير الذي أعدّه سلامة بالاستناد إلى الاستشارات خلال الملتقى الوطني الجامع الذي يعتزم المبعوث الأممي تنظيمه مطلع العام المقبل.
ووفقاً للتقرير فإن المطلوب من سلامة خلال الملتقى هو العمل على وضع الآليات لتطبيق ما ورد في تقريره، وصياغة التشريعات والقوانين اللازمة من قبل المعنيين لجعل المحاور التي وردت في التقرير حقائق تعمل على إنهاء حالة الركود في البلاد.