ساسة ليبيا على الفيسبوك وتويتر.. التواصل ممنوع
لم يقرأ أو يتابع نشطاء مواقع التواصل في ليبيا أي نشاطات لساسة ليبيا
خاص 218
لا شكّ أن العالم بأسره تغيّر بعد وصول المليادير دونالد ترامب إلى البيت الأبيض وتنصيبه في 20 يناير 2017 ليكون الرئيس الخامس والأربعين لأمريكا.
ومنذ جلوسه في المكتب البيضاوي لم يتوقّف ترامب عن نشر تغريداته عبر تويتر، والتي كانت بمثابة ثورة في عالم السياسة والإعلام ، الذي أصبح يتابع صفحته وما ينشره على صدرها من أفكار وقرارات ورؤى، حيال قضايا وأحداث داخلية تخص الولايات الأمريكية، أو بشأن أخرى عالمية تجتاح دول العالم وقاراته .
هذا التغيّر الكبير، جعل بعض وزراء وسياسيين في الدول الأوروبية ينتهجون مدرسة ترامب، فمنهم من أصبح ينشر أخباره واجتماعاته مرفقة بالصور، وفي ليبيا أيضاً كان للسفراء الأجانب نصيبٌ في عالم التغريد، فلا مناسبة يحضرونها أو زيارة لمدينة ليبية إلا وتجدهم يُغرّدون بتفاصيلها ويُعبّرون عنها وفقًا لسياسات محدودة ونهجًا متبعًا في دولهم .
لكنّ هذه العدوى إن صحّ التعبير تسميتها بـ”عدوى ترامب” كانت بعيدة عن أفكار ساسة ليبيا وأبرزهم رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح ورئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري والمشير خليفة حفتر القائد العام للجيش الوطني.
لم يقرأ أو يتابع نشطاء مواقع التواصل في ليبيا أي نشاطات لهؤلاء ، أقطاب السياسة في ليبيا، لا يجدهم في الأزمات التي يعيشها الليبيين في كل يوم. فمثلا بعضهم كانت لهُ صفحاته الخاصة على مواقع التواصل وفور وصوله إلى منصب “الرئيس” توقّف تمامًا عن النشر والتغريد على صفحاته على مواقع التواصل، وأكتفى بنشر أخباره على منصّات رسمية وحكومية تابعة للمجلس أو الحكومة التي يترأسها، وهذا الأمر يُمكنه أن يكون السبب المحوري في عدم التواصل المباشر بين الموطن والمسؤول.
عدّة اشتباكات مسلحة عاشها الليبيين لوحدهم، وكان فيها الفيسبوك وتويتر طوق النجاة لبعضهم، لأنه هذه المواقع منحتهم التواصل مع أصدقائهم وأقاربهم للإطمئنان عليهم، وأيضا كان بابًا لمن يبحث عن مأوى لهُ ولعائلته بعد فراره من جحيم القذائف العشوائية، حين يقرأ منشورا أو تغريدة لأحد الشباب أو البنات تقول فيها: “هُناك بيت وشقق للعائلات التي تبحث عن مكان تلجأ له بعد خروجها من مناطق الاشتباكات المسلحة، مرفقة برقم هاتف لمن يرغب في التواصل مع أصحاب البيوت والشقق”.
هذه الأمثلة تُعتبر الأكثر حضورا في الأزمات المتراكمة، والغائب الأكبر فيها المسؤول الليبي الذي فضّل تجميد صفحاته الشخصية والاكتفاء بالصفحات العامة، في وقتٍ كان مناسبا للتواصل مع أهله في ليبيا، ولو عبر منشورٍ عن المصالحة الوطنية أو دعوة عامة لإنهاء الصراع، والحديث والنقاش معهم عبر التعليقات، وإن كانت مُقتصبة ومحددة.
أمرا آخر في ذات الشأن، تداولت أخبارا في السنوات الماضية أن بعض المسؤولين في ليبيا يلجأون إلى تطبيق فايبر للتواصل مع المسؤولين والنواب والمهتمين بالشؤون السياسية والاجتماعية، وكان هذا التطبيق مُفيدا للبعض، الذين يُقدّمون الاقتراحات والمبادرات الصغيرة لبعض المدن والقُرى والمساعدة في إيجاد أرقام هواتف المسؤولين لأجل التواصل معهم مباشرة في الأمور المستعجلة والتي منها الحالات الإنسانية التي تحتاج السفر أو العلاج.
ولكن “فايبر” لم يكن مُتاحًا لكل الليبيين ونقصد “الغُرف المُغلقة” التي تُنظّم فيها بعض الاجتماعات السرية والعمل بعيدا عن الأضواء والمعروف في ليبيا باسم “الكولسة” لأغراض شخصية وجهوية، وهو الأمر الذي يكشف حجم الاستفادة من مواقع التواصل الاجتماعي من عدمه في ليبيا، وكيفية استخدامه لدوافع ضيّقة لا تخدم مستقبل ليبيا ولا حاضرها، ما يجعل واقع حال وساسة ليبيا بعيدا عن “عدوى ترامب” أو “مثابرة السفراء في ليبيا” وما المبعوث الأممي غسان سلامة ببعيد عن المثابرة على أرض الواقع والعالم الافتراضي “تويتر”.