سؤال الليبيين .. “علاش درنا ثورة”؟
أن تقرأ في تاريخ الشعوب وتضع قانوناً عن قيام الثورات أو عدمها أمر مستحيل، فلا يستطيع إنسان معرفة أي دولة بدقة ستقوم بها ثورة، وأي دولة ستتخطاها، كان الأمر أوضح ما يكون عام 2011 حين انطلقت الثورات في دول لم يتوقع أحد مرورها فيها، وتخطيها لدول يراها المحللون امتلكت كل أسباب التغيير.
الاستغراب الذي صاحب الثورة على “العقيد” كان كبيراً، لكن العارفين بأمور الدولة المغلقة لم يكن منطلق استغرابهم أسباب الثورة، بل إمكانية قيامها، تخوفاً من القوة الكبيرة التي ستجابهها، ولم يخيب “القذافي” آمال أي شخص فكان الرصاص حاضراً في شوارع المدن المتظاهرة، بل تعدى ذلك لأنواع جديدة لم يرَ مثلها المتظاهرون في بقية دول الربيع المجاورة.
إذا استطاع شخص العودة بالذاكرة، والتجول عام 2010 في ذاكرته على الأقل، فسيجد ذات الليبيين بذاكرة خالية من أهوال الحرب، يختفي فيها ما أطلقته مخازن أسلحة القذافي من رعب مستمر لسنوات لتبدو أمامه ليبيا التي يعرف.
سيتذكر ببساطة الزائر إلى 2010 سخط الليبيين من كل شيء، حتى من تحسن الأوضاع الطارئ في نهاية عقد الألفية الثالثة، سيتذكر مقتل ضيف الغزال في مكبات قمامة بنغازي وسيتذكر الكثير.
لكن عندما يكون الأمر غير عاطفياً، يعرف الكثيرون أن ليبيا لم تهدأ خلال عقود أربعة رفضت خلالها حكم الفرد الواحد، يضيق المقال لكتابة عدد محاولات الانقلاب أو اغتيال العقيد، لكن فكرة الثورة السلمية بدأت تتبلور بعد احتجاجات 2006 في بنغازي، والتي توجت باحتجاجات فئوية تحولت عشية فبراير إلى نواة المظاهرات الشعبية.
يلتقط البعض الثورة ليظهرها أنها وليدة فبراير 2011 فقط لا ما قبلها، وآخر الأحداث كان الاحتجاجات على السكن، واقتحام آلاف الليبيين على طول البلاد وعرضها لمبانٍ لم تكتمل، وكأنه كان تدريباً لقدراتهم على تحدي القوات الأمنية التي تخنق المواطن حتى عن التفكير في معارضة النظام.
فقط تنتظر فبراير قلماً بحثياً رصيناً يدون ما سبق وما لحق بكل موضوعية يقتضيها بحث تاريخي كذلك، ليعرف الليبيون “علاش درنا الثورة”.