ركلة جزاء تنطلق أحداثها من بنغازي
خلود الفلاح
صدر للروائي الليبي محمد الأصفر رواية جديدة بعنوان “ركلة جزاء” عن دار زينب للنشر ـ تونس ـ2022، وتدور أحداث الرواية في مدينة بنغازي قبل وبعد العام 2011، ويشير الأصفر إلى أنه يكتب معتمدا على الذاكرة والمعايشة الشخصية للحدث. مستطردا “سبق أن سكنا في شقة في شعبية الزيتون حيث النادي الأهلي بنغازي، وسبق أن تدربت في النادي الأهلي في ألعاب القوى وأيضا شاركت في فرقة النادي الأهلي للتمثيل برئاسة المخرج الراحل علي الجهاني وقدمنا مسرحية التابوت من أبطالها الفنان سالم عيسى، وكنت أحضر تمرينات النادي والمباريات أيضا في المدينة الرياضية ما تبته في الرواية عايشته فعلا”.
وتحدث محمد الأصفر عن تأثير الاماكن على كتاباته. ويضيف: المعروف عني أني لا أكتب عن مكان لم أعش فيه مدة وأفهمه بشكل جيد، مثل بنغازي، ومرسى مطروح، ومراكش، وبانكوك، وبكين، ودرنة، طرابلس، مدينة تاورغاء حيث تطرقت الرواية إلى نزوحهم وعيشهم في مخيمات في بنغازي وغيرها من المدن، لكن مع الذاكرة هناك قراءات واستشارات وبحث في الانترنيت حتى يمكني أن ألم بالموضوع بشكل جيد، لو أني لم أعش في المكان من قبل ما كنت أحس بمأساته ومعاناته، أي ما كنت أتألم له بشكل كاف حتى أكتب عنه وأستفز وأسخر ممن عبث به، فالأمكنة هي أوطان صغيرة هي أمهات رضعنا منهن الهواء النقي وبنينا فيها ذكريات تأبى أن تغادرنا مهما نسينا أو تناسينا أو حتى أصبنا بالزهايمر.
وأوضح محمد الأصفر، أنه لم يتعمد استخدام السخرية في الكتابة عن الواقع الليبي في روايته “ركلة جزاء” وإنما الشخصيات وما تعيشها من أحداث تفرض على الكاتب ذلك، وربما للتخفيف من وطأة المآسي التي تحدث في ليبيا، السخرية تولد الابتسامة الخفيفة.
ونسأله، هل تأثرت رواياته بما يحدث في بلدنا من أزمات سياسية واقتصادية وحروب؟ فكان رده: بالطبع كل كتابة تنطلق من أزمة، سياسية، اقتصادية، عاطفية، جنسية، اجتماعية، ما إن أقرأ لأي كاتب حتى أعرف نوع أزمته بالضبط، والأزمات المتنوعة التي عاشتها ليبيا في الماضي والحاضر هي مادة الكتابة بالنسبة لي حتى وإن لم أتطرق إلى ذلك مباشرة.
وواصل: رواية ركلة جزاء تتخذ من رياضة كرة القدم عتبة وخلفية زمانية ومكانية لها، لكن هذه الكرة التي تنط بجنون سرعان ما تتحول إلى سياسة وحرب ضروس، الجمهور الذي يشعر بالظلم يتظاهر فيتم قمعه بوحشية ويتم هدم نادية بالبلدوزر وتحطيم أحلامه في سبتمبر 2000م، لكن الأحلام قد تحتضر وتفقد حتى الوعي لكنها لا تموت، فبعد زمن قصير نسبيا أي بعد إحدى عشر سنة من هدم النادي الأهلي يثور الجمهور من جديد في 17 فبراير 2011م ويسقط من هدم ناديه، تحطيم كأس كروي مقابله تحطيم تاج حكم، هدم نادي كروي مقابله هدم خيمة حكم، ريمونتادا تاريخية مؤلمة، وبالمناسبة إحدى عشر سنة مرت على هدم النادي هي أحد عشرة لاعب كرة، تم إرهابهم وظلمهم وسرقت جهودهم، أرقام الزمن تتعاطف دائما مع المظلوم وتعلن حضورها بشكل أو بآخر.
وعن الأسباب في تأخير صدور الرواية رغم أنها مكتوبة منذ العام 2017، يقول محمد الأصفر: كتبت الرواية عام 2016 و2017م، هناك دار نشر وافقت على إصدار الرواية ووضعتها في الإخراج لكن تأخروا وأنا لم أنتظر، كتبت بعدها 7 كتب صدر منها ثلاثة، والباقي لدى دور نشر، وآخر مرة راجعت دار النشر قالوا لي أنت تصدر روايات في نفس العام في دور نشر أخرى ونحن سياستنا أن الكاتب ينبغي أن يصدر رواية واحدة عندنا فقط في العام وذلك لأمور تتعلق بالتسويق، لكن الرواية بقيت عندهم أكثر من سنتين ولم تنشر وعموما بطريقة ودية سحبت روايتي ونشرتها في دار زينب بتونس حيث رحبت الدار بإصدارها، وخلال المدة الزمنية التي لم تنشر فيها الرواية كنت أعود لمراجعتها وإجراء بعض التعديلات مستفيدا من آراء الأصدقاء الذين اطلعوا على المخطوط، وأضاف “وفي النهاية أنا لا أتوقف عن الكتابة وعملية صدور العمل أو تأخره لا تهمني، وعملية انتظار صدور عمل حتى أبدأ في عمل جديد اعتبرها مضيعة للوقت، ولا أريد الخوض في الأعذار التي تسوقها دور النشر لبعض الكتاب لتبرير التأخير مثل الاغلاق بسبب الكورونا واحتراق مرفأ بيروت والمظاهرات في بيروت أوقفت المطابع عن العمل وأيضا إلغاء معارض الكتاب. أعتبرها حججا مقنعة جدا ينبغي تفهمها”.