رغم وصوله متأخرا .. كورونا يمنح حلا للأزمة الليبية
محمد خليفة
وصل كورونا الذي هز العالم إلى ليبيا بعد ظهوره بحوالي أربعة أشهر، جاء متأخرا كعادة كل شي في بلادي، فالرواتب تتأخر والثورات تتأخر والاختراعات كذلك “إنترنت، ستالايت، محمول” تتأخر، والتوافق والسلام أيضا يتأخر.
ولكن لعل التأخير هذه المرة كان إيجابيا ومحمودا فالبلاد التي مزقها الصراع لا طاقة لها بمجابهة فيروس إنفلونزا وليس كورونا، فإن أُصبتَ بإنفلونزا في ليبيا – التي زعموا أن هيرودوت قال إن منها يأتي الجديد- وتوجهتَ لأقرب مركز طبي ستجد طبيبا جاهزا بوصفته ولن يستمع إليك “مضاد حيوي، وعلبة بنادول، وقنينة دواء كحة” ما جعل الليبيين لا يجدون ضيرا في شرائه دون وصفة طبية كما يشتري الدجاج والبصل من المحال التجارية كل يوم!!
وما لا يعرفه الكثير أن هناك سرا خطيرا يكمن وراء تأخر وصول الفيروس إلينا، متجسدا في مناعة الليبيين القوية ضد الفيروسات بعد أن خبروها جيدا، بدءاً من الفيروسات الثورية – السبتمبرية والفبرايرية – مرورا بفيروسات القيادات الشعبية والنخب السياسية الدعية وانتهاءً بفيروسات الدين المتلونة.
واستنادا إلى ما سبق باتت مناعة الليبيين أقوى من أي شعب آخر على ظهر البسيطة، ولعل الدليل على صدق ذلك ما حدث من انتشار كارثي للفيروس في دول تتمتع بقدر كبير بالديمقراطية والحوكمة الرشيدة إذا ما قارناها بالواقع الليبي، فالسويسري المسكين مثلا لم يعتد على مقاومة الفيروسات!! أما الصينيون فهم حالة نادرة فقد كونت أجسامهم مناعة ضد فيروس سياسي واحد يحكم البلاد منذ عقود وليس مثل الليبيين “كل يوم فيروس”.
ومن هنا فإنني أعتقد – جازما- أن الفيروس بدخوله اليوم قد منحنا فرصة ذهبية لتحقيق تسوية شاملة في ليبيا، من خلال اعتماد ما أقرته السلطات المحلية في سويسرا من حظر تجوال دائم على الأشخاص الذين تفوق أعمارهم 65 عاما خوفا على صحتهم، فإذا ما طبقنا هذا الأمر ستشهد الساحة السياسية فراغا يسمح للدماء الشابة بتصدر المشهد والوصول إلى تسوية شاملة للأزمة، فالعواجيز المتمترسون خلف المبادرات السياسية والمشهد السياسي من جميع الأطراف وبشكل عام دون تخصيص – في تقديري- هم أحد أسباب المشكلة، زد على ذلك أن حالة الحجر التي ستفرض عليهم بالنسبة للحالة الليبيية ستكون أشد وطأة وأكثر حزما وأعظم عزلة كونها ستحرمهم حتى من الاتصالات والتواصل الإلكتروني، الذي سيكون غير متاح لارتباطه بالتيار الكهربائي الذي يعاني عديد الانقطاعات المتكررة والطويلة في أحايين كثيرة ما سيجعلهم في عزلة تامة، وإن نجحنا في هذا ستقدم الأجيال القادمة الشكر لكورونا، بل ولا عجب إن قرروا بناء تمثال للفيروس في قلب عروس البحر الأبيض المتوسط وسموا أكبر الشوارع في المدن الرئيسة كورونا!!