دخول الروبوتات على خط الزواج
عمر أبو القاسم الككلي
صارت الروبوتات (الإنسان الصناعي) تجتاح عالم الحياة اليومية للإنسان بسعي منه، أي أنها لا تغزوه رغما عنه. و “من المنتظر (وليس متوقعا فقط) أن يحل الإنسان الصناعي محل الإنسان الطبيعي في نشاطات هذا الأخير قاطبة. فلقد بدأ منذ الآن هذا الإنسان يحتل محل الطباخين والكهربائيين والصرافين والسائقين وبائعي الهواتف وموظفي الاستقبال في الفنادق والطيارين والمحامين والأطباء ومدرسي الرياضيات والنُّدَّل والمذيعين والممثلين والمغنين والرياضيين، وحتى محل الشريك الجنسي الإنساني الطبيعي”*. ولن يظل ممكنا، مستقبلا، التمييز بين الإنسان الطبيعي والإنسان الصناعي، فسيتماثلان في الهيئة والملامح وسلاسة الحركة واستخدام اللغة، وستتشابك وتتعقد العلاقات والروابط بين الطرفين.
آخر هذه التطورات، المثيرة للدهشة، هي الزواج بين الطرفين!.
من هذه الحالات أن شخصا استراليا، طبيعيا، تزوج “امرأة” آلية (روبوت). أوصى عليها بمواصفات محددة لدى مصنع روبوتات صيني، ثم شحنها من هناك (مفككة طبعا) إلى استراليا. كان هذا الرجل يعيش وحيدا مع كلبه وليست لديه علاقات بشرية، فخطرت له فكرة الزواج من امرأة آلية. سمَّى الرجل حبيبته الآلية”إيما”، ووصفها بأن جسدها نابض بالحياة، وأنها تتحدث إليه وتبتسم له، بشرتها دافئة مثل الإنسان الحقيقي، وعيناها زرقاوان وملامحها جميلة.
وكان مهندس صيني خبير في تقنية الذكاء الاصطناعي قد تزوج، سنة 2017، “امرأة” آلية صنعها بنفسه.
ويقول أحد الباحثين في مجال الذكاء الاصطناعي أن بلوغ مرحلة الزواج بين الإنسان والروبوتات، يعتمد على مدى اكتساب هذه الأخيرة طابعا اجتماعيا، وقدرتها على محاكاة طباع الإنسان، علما بأنه لا يقوم في الوقت الحالي سوى ببعض الأعمال المحدودة.
لكن السؤال، وبغض النظر عن مسألة الإنجاب، هل ستكون الحياة الزوجية في مثل هذه الحالات خالية من المشاكل المعتادة التي تحدث بين الأزواج البشريين؟. هل ستخلو الحياة الزوجية مع امرأة آلية من الشك وتهم الخيانة مثلا؟.
إذا أخذنا في الاعتبار أن هذه الروبتات قادرة على تطوير نفسها وتحديث برمجياتها، فلا يمكننا أن نستبعد، تماما، تولد مثل هذه المشاعر والأفعال البشرية لدى الزوجات الروبوتات والأزواج الروبوتين.
* عمر أبو القاسم الككلي. الإنسان الصناعي والإنسان الطبيعي. بوابة الوسط.