داعش يتلقى “الضربة الأقوى” في سرت.. ومخاوف من تجمّعه بالجنوب
218tv.net
بخسارة تنظيم داعش سرت، معقله الرئيسي في ليبيا وقاعدته الخلفية المهمة المطلة على البحر المتوسط، سيفقد نقطة الاستقطاب الرئيسية له في شمال افريقيا، لكن ذلك لا يعني خروجه من المشهد الليبي بشكل مطلق، بحسب خبراء.
وبعد ستة أشهر من انطلاق العمليات لاستعادة سرت من تنظيم داعش، نجحت القوات وبمساندة ضربات جوية أميركية محددة الأهداف، في انتزاع السيطرة من التنظيم المتطرف على ساحل يمتد بطول حوالى 200 كلم في شمال البلاد.
لكن في ظل الفوضى الأمنية التي تعم ليبيا منذ خمس سنوات والانقسامات بين قواتها العسكرية الرئيسية في غرب البلاد وشرقها، تبقى أمام تنظيم داعش فرصة التمدد إلى منطقة أخرى في البلد الشاسع الغني بالنفط وخصوصا في الجنوب الغارق في الصراعات القبلية.
ويقول الباحث في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية ماتيا توالدو لوكالة فرانس برس أن “اجتياح سرت (450 كلم شرق طرابلس) وإقامة “ولاية” فيها شكل ضربة دعائية كبيرة له نجح خلالها في استقطاب المقاتلين من كل أنحاء شمال أفريقيا ومنطقة الساحل” الأفريقي.
ويضيف أن “فقدانها قد يعني خسارة مرحلية لقوة محركة أساسية له”.
– نحو الجنوب –
على مدى أكثر من عام، ومنذ سيطرته عليها بشكل كامل في حزيران/يونيو 2015، شكلت سرت، وهي مسقط رأس القذافي، ملاذا لتنظيم داعش الذي جعل منها قاعدة خلفية له تستقطب المقاتلين الأجانب الذين جرى تدريبهم على شن هجمات في الخارج.
وفي هذه المدينة المتوسطية الواقعة على بعد نحو 300 كلم فقط من أوروبا، قطعت الأيادي وأعدم الناس في الساحات. وفي شوارعها الرئيسية، رفعت رايات التنظيم الجهادي السوداء، وفرض على السكان أداء الصلاة في مواعيدها، ومنعت النساء من مغادرة منازلهن من دون محرم.
واستغل تنظيم أبو بكر البغدادي الفراغ الأمني الذي تشهده ليبيا منذ الإطاحة بنظام القذافي بفعل الصراع على السلطة ليرسخ موطئ قدم له في 2014، بدءً من مدينة درنة في أقصى الشرق، ومرورا ببنغازي ووصولا إلى سرت القريبة من أبرز موانئ تصدير النفط.
ولا يعرف بالتحديد عدد عناصر تنظيم داعش في ليبيا، لكن مسؤولين أميركيين وفرنسين قدروا قبل أشهر بأنه يتراوح بين خمسة آلاف وسبعة آلاف. لكن متحدثا باسم القوات الحكومية أعلن في منتصف آيار/مايو بعد إطلاق معركة سرت، أن عددهم لا يتجاوز الألف.
وبعد سرت، ستتجه الأنظار نحو الجنوب الليبي شبه المنسي، المحاذي للسودان وتشاد والنيجر والغارق بالصراعات القبلية والسياسية.
ويرى مؤسس موقع “آيز اون ليبيا” جيسون باك أن “إنهاء سيطرة تنظيم داعش على سرت لا يعني إنهاء وجوده في ليبيا”، مضيفا أن “قدرة التنظيم على تأسيس قواعد له في مناطق أخرى في ليبيا هي نتيجة مباشرة للفوضى والانقسام السياسي وغياب سلطة الدولة” منذ 2011.
ويضيف “من المحتمل أن يكون قادة كبار في تنظيم داعش قد تمكنوا من الفرار نحو الجنوب في الأيام الأولى من المعركة، أو خلال مراحل وقف إطلاق النار (التي هدفت إلى إخراج عائلات من سرت). لذا فان التنظيم لن يواجه الكثير في سعيه لإعادة التجمع في الجنوب الليبي”.
وفي ليبيا حاليا حكومتان، الأولى مدعومة من المجتمع الدولي ومقرها طرابلس تحظى بمساندة القوات التي قاتلت التنظيم في سرت، والأخرى تتمركز في الشرق ولا تتمع باعتراف المجتمع الدولي لكنها تحظى بمساندة الجيش الوطني بقيادة المشير خليفة حفتر، وهي قاتلت تنظيم داعش في بنغازي . والأرجح أنها قد تلعب دورا في حال محاولة التنظيم الانتقال إلى منطقة أخرى في ليبيا.
– إعادة اندماج –
ولا يستبعد توالدو من جهته أن يقوم عناصر في تنظيم داعش بالانضمام إلى تنظيمات جهادية أخرى في ليبيا، على رأسها جماعة “أنصار الشريعة” القريبة من تنظيم القاعدة.
ويوضح الباحث أن “بعض المقاتلين الليبيين في صفوف تنظيم داعش انضموا إليه بعدما كانوا ضمن صفوف جماعة “أنصار الشريعة”، ولذا تبقى إمكانية العودة إليها قائمة”.
لكن أغلبية عناصر تنظيم داعش في ليبيا هم من “المهاجرين” الآتين من دول شمال أفريقية أخرى على رأسها تونس، بعدما فشل في استقطاب الليبيين بشكل عام الذين يعيشون في مجتمع بدوي محافظ إنما غير متشدد.
ومنذ بداية ظهوره في ليبيا، يواجه تنظيم داعش بسبب عدم قدرته على التمدد واستقطاب السكان المحليين، معضلة رئيسية تتمثل في إيجاد مصادر لتمويل نشاطاته وإقامة نظام مالي فعال على غرار النظام الذي يتبعه في كل من سوريا والعراق.
ورغم إمكانية إعادة تنظيم صفوفه، إلا أن هذه المعضلة ستبقى تلاحق التنظيم خلال محاولته الاستقرار في ليبيا وستزداد تعقيدا بخسارته سرت.
ويوضح توالدو أن “تنظيم داعش لم يحظ بمساندة الموالين للقذافي، كما هو حال البعثيين في العراق (…). كما أنه لم يتمكن من السيطرة على مصدر مهم لتمويل” عملياته في ليبيا.
ويتابع “ما وجدوه في مصارف سرت لا يقارن بما وجدوه في الموصل (شمال العراق)، كما هو الحال أيضا بالنسبة إلى مخازن السلاح“”.