خطاب زوارة.. نهاية الدولة
في مثل هذا اليوم منذ 45 عاماً، استيقظت ليبيا كما لم تكن من قبل، فقد أصبح كل شيء مباحاً، وانتهت الدولة بمعناها الإداري والقانوني والسياسي.
في الخامس عشر من أبريل، من أطراف ليبيا، في مدينة زوارة الساحلية، وقف معمر القذافي على منبر الخطابة، الضابط الشاب المعتلي سدة الحكم في البلاد عبر انقلاب عسكري، أعلن يومها عن قراراته التي لا تراجع عنها.
اشتهر الخطاب بالـ”النقاط الخمس”، نقاط ألغى فيها “الدولة”، فكان أولها “تعطيل القوانين المعمول بها”، ليوقف مسيرة الدولة الوليدة التي بدأت قبل ذلك بعقدين.
مثل كل انقلاب، لاحق العسكري كل أصحاب الأفكار السياسية، تحت مسمى “القضاء على الحزبيين وأعداء الثورة” في نقطته الثانية من خطابه الذي استمر قرابة 70 دقيقة.
دقائق حددت مصير البلاد لكل السنوات التي تبعت عام 73، وجعلت من كل مظهر طبيعي من مظاهر الحكم والتبادل السلمي للسلطة، حلماً مفقوداً لأعوام طويلة.
تشبها بالزعيم الصيني “ماو تسي تونغ” كان للقذافي “ثورته الثقافية” في ثالث نقاط الخطاب، فلم تكن إلا سنوات ليجد الليبيون مثقفيهم في السجون، وتغلق المجلات والصحف شيئاً فشيئاً، فلا مكان إلا لصحف الثورة.
استهدف “القائد” الإدارة أيضاً، فكان “إعلان الثورة الإدارية” لتنتهي كل مقومات الإدارة التي بقيت من عهد مضى، ويصبح المنصب “بالانتماء والولاء” الثوري، وتودع ليبيا أي قشة بقيت من الخدمة المدنية.
وينهي “معمر” نقاطه الخمسة “بالثورة الشعبية” التي أطلقت مصطلح “الزحف”، الزحف على ما تبقى من أطلال الدولة، والذي عنى حقيقة بذور الحرب الأهلية بين الليبيين، والتي وزع حصادها حين واجهوه مطالبين بحقوقهم الدستورية والمدنية، وكأنه يعلن أن من ورائه الفوضى لا غير، متجاهلاً ما صنعه منذ بداية حكمه.