خبراء بالشأن الليبي يرصدون تأثيرات الانقسام السياسي على دول الجوار
رجعت تأثيرات الأزمة السياسية الليبية على دول الجوار الليبي، وعادت الاصطفافات الإقليمية لدعم كل طرف من المتنازعين على السلطة، وما يترتب على ذلك من خلافات بين عواصم الدول وبالتالي الفرقاء الليبيين.
وأفردت صحيفة الإندبندنت البريطانية مساحةً بالخصوص، لرصد هذه التداعيات على دول الجوار والبداية من تونس، في إشارة للقاءات التي عقدها رئيس الحكومة الليبية فتحي باشاغا مع بعض الشخصيات السياسية والعسكرية في تونس، ما أثار حفيظة رئيس حكومة الوحدة عبد الحميد الدبيبة، الذي استدعى السفير التونسي لدى ليبيا، لتنتشر بعدها شائعات عن طلب تونس من باشاغا مغادرة البلاد، وعدم اتخاذها قاعدة لنشاطاته السياسية، فيما نفت الحكومة الليبية اعتراض الحكومة التونسية على وجودها هناك.
كما أكد الخبير التونسي في الشأن الليبي، غازي معلى، أن فتحي باشاغا، غادر تونس “بمحض إرادته، ولم يتم طرده، وفق ما تناقلته بعض المصادر، حيث أنهى جولة مشاوراته بتونس بشكل عادي، وغادرها من مطار جربة في اتجاه بنغازي، ولم يغادر بلادنا هارباً، وهو من قرر مغادرتها والعودة إلى ليبيا، لأنه من الضروري أن يكون في بلاده لمتابعة مشاوراته بخصوص تسلم السلطة”.
بالمقابل تسببت رغبة رئيسي الحكومتين الليبيتين في كسب ود السلطات التونسية واستمالة موقفها، في حرج شديد لجارتها الغربية، التي ما زالت تتلكأ في الموافقة على طلب الدبيبة لزيارتها بصحبة وفد وزاري كبير، بعد مغادرة باشاغا أراضيها.
كما علل غازي معلى، المواقف الحكومية التونسية من طرفي النزاع الليبيين، بأن “نتائج الصراع في ليبيا لم تتضح إلى الآن، والدولة التونسية عليها أن تحافظ على موقفها المحايد من الأزمة الليبية”.
وأوضح الخبير التونسي أن “تونس إلى الآن موقفها محايد، وعليها البقاء على الموقف نفسه وانتهاج الحذر، نظراً لعدم وضوح الرؤية في مستقبل هذا النزاع، فهي من مصلحتها أن تكون ليبيا دولة مستقرة من دون التدخل في شأنها الداخلي وصراع الشرعيات”.
أما فيما يتعلق بالجارة الجزائر، فقد تسببت تصريحات الرئيس عبد المجيد تبون، بخصوص الأزمة الليبية في جدل كبير في ليبيا، وغضب بعض الأطراف السياسية في البلاد، خصوصاً في شرق البلاد.
وبدأ الجدل حول تصريحاته منذ اعتراف بلاده بحكومة الوحدة برئاسة الدبيبة، حكومة شرعية للبلاد، تأسيساً على انبثاقها من الاتفاق الدولي الذي رعته الأمم المتحدة، قبل أن يصرح في لقاء مع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، بأن “كل الأطراف في ليبيا لا تمثل الشعب ولم يتم انتخابها”، فيما اعتبرت هذه التصريحات من قبل البعض في ليبيا تجاوزاً للأعراف الدبلوماسية، وتفتقر للتوازن في الخطاب من رئيس دولة جارة تربطها بليبيا علاقات متعددة الأوجه.
ولاقت تصريحات تبون ردود فعل واعتراضات واسعة في الأوساط الليبية، ونقلت الصحيفة عن السفير الليبي الأسبق لدى البحرين وسلطنة عمان محمد العكروت، رأيه بأن “الرئيس الجزائري كان صريحاً أكثر من اللازم، حينما قال إن بلاده تدعم حكومة عبد الحميد الدبيبة فقط”.
وقال المحلل السياسي محمد محفوظ، بشأن تصريحات تبون، إن “موقف تبون كان واضحاً أنه دائماً ما يميل لمعسكر الغرب الليبي، وإن الجزائر خلال السنوات الماضية، منذ بداية الانقسام السياسي الليبي، كانت تتخذ مواقف دبلوماسية جيدة جداً، متوازنة وداعمة لاتفاق جنيف ومسار الانتخابات، ونتمنى أن تحافظ على نهجها هذا”.
يبدو أن الموقف الجزائري الداعم لحكومة الدبيبة لم يتسبب فقط في غضب بعض الأطراف الداخلية الليبية، بل أشارت تقارير دولية إلى امتعاض مصري من موقف الرئيس الجزائري. ونقل تقرير تحليلي نشرته مجلة “ميدل إيست مونيتور” البريطانية عن مصدر دبلوماسي مصري، قوله إن “العلاقات بين مصر والجزائر على المحك بسبب ليبيا”.
وأشار التقرير في خلاصته إلى أن “المسؤولين المصريين أصيبوا بالصدمة بسبب استقبال الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون لعبد الحميد الدبيبة، ومن المرجح أن تشهد الفترة المقبلة تجاذبات حادة بين مصر والجزائر في الساحة الليبية، إذ يدعم كل طرف حكومة من الحكومتين”.