حكاية الصورة:الحرب والسلام وجهًا لوجه
سنُحاول معًا كشف تفاصيل هذه الصورة، والبحث عن الحكايات التي تعيش فيها
خاص 218
بين الفرح والحُزن، أو بين الخراب والإعمار.. أو أكثر من هذا، تحمله صورة واحدة من ضمن آلاف الصور التي انتشرت على مواقع التواصل يوم المولد النبوي الشريف.
سنُحاول معًا كشف تفاصيل هذه الصورة، والبحث عن الحكايات التي تعيش فيها، بدءًا من المباني التي تُقابل الرجل، إلى كوب القهوة ولحظة التأمل التي عاشها أحد أبناء بنغازي وليبيا.
أولا هل كان يعتقد من ساهم أو أطلق قذائفه على المبنى الذي أصبح متهالكًا، أن المبنى سيصمد بعد فِعلته، أو هل يعرف أن الذكريات لا تُسقطها القذائف العشوائية أو التي تُصيب هدفها بدقّة متناهية.. السؤال الأهمّ في هذا كُلّه، هل شاهد الصورة، أم أنه قُتل في المعارك التي شهدتها بنغازي؟
ثانيا، لحظة التأمل التي عاشها “بطل الصورة” التي تُعتبر سبب انتشارها، تُوضّح مدى شراسة الحرب، وتكشف لذاكرته كل التفاصيل التي شهدها المكان الذي يجلس فيه، من كان معهُ؟ كم استغرق الوقت لنهاية الاشتباكات المسلحة في هذا الشارع؟.. قهوة “المكياطة” بجانبه لم تحظى باهتمام كبير نظرا لفخامة الصورة ودقّة معالمها القاسية، لكنّها كانت في المقابل كانت شريكته الوحيدة في جلسة التأمل والبحث عن إجابات شافية: ماالذي جرى وكيف تغيّر الحال؟
ثالثا، الألوان التي احتفى بها المكان مع زينة سلسلة الإضاءة في الشارع، كان لها تواصل مُباشر بين “بطل الصورة” والمبنى المتهالك الذي يُقابله، ما يعني أنها كانت جُزءًا من لحظة الأمان وتأكيد أن كُلّ شيء قد انتهى وأصبح على ما يُرام. انتهت الحرب أخيرا.
رابعا، نظرة “بطل الصورة” التي تتجه إلى الفراغ بعيدًا عن المبنى المتهالك، وهو في عُزلة كاملة مع المكان، تكشف خفايا بعض اللحظات التي عاشها برفقة أحدهم قبل أن يتحوّل الشارع إلى ما هو عليه الآن.. قد يكون صديقا أو رفيقًا في الحرب، المهم أن تأمله يُوضّح أنه لم يكن لوحده في تلك اللحظة.
الصورة بشكل عام، ليست بهذه البساطة، وهي على كل حال، لم تكن الصورة اليتيمة في هذا التدفّق الكبير للصور الأخرى وانتشارها من كل مناطق ومدن ليبيا، فبعض الصور كان لها الأثر الأكبر في نفوس من تأمّلها وأكتشف أنها أكثر من صورة واحدة، نظرا لقساوتها تارّة أو لجمالها تارّة أخرى، ويحدث أن تجتمع القساوة والجمال في صورة واحدة.