“حرب الكلب الثانية”.. عندما يخطئ الإنسان بين شبيهه وقاتله!
إذا كنت هذه المرة تنتظر رواية ذات إيقاع ملحمي درامي تاريخي مؤثر في رواية الكاتب الأردني من أصل فلسطيني إبراهيم نصر الله، “حرب الكلب الثانية”، مثلما تعوّدت منه في روايات سابقة كالملهاة الفلسطينية، فحتمًا سيفاجئك، لأنك لن تحصل على ما تتطلع إليه.
على غير عادته في تمثيل الواقع الفلسطيني، هذه المرة كتب “نصر الله” روايته الفائزة بجائزة “البوكر” هذا العام دون أي أسئلة وجودية، أو ملحّة، لكن كتبها خفيفة ومسلّية وسريعة الإيقاع وفيها كثير من الإثارة كأنك تشاهد فيلمًا هوليووديًا.
يأخذنا إبراهيم نصر الله هذه المرة إلى المستقبل وليس الماضي أو حتى الحاضر الذي يعتبر مجرد بوابة لحظة بين الزمنين، حيث يصطحبنا إلى عالم تكنولوجي بحت، رجال شرطته أشبه “بإكس من” وأدواته أشبه “بآي روبوت” عن طريق بطله “راشد”، لا لن تجد مقاومين فلسطينيين يقاتلون الاحتلال، حتى أنك لن تجد حديثًا عن الاحتلال إلا في صفحات متأخرة من الرواية.
هذه المرة يسخر “نصر الله” من الواقع العربي عن طريق المستقبل، وهو جزء من امتداد مشروعه الساخر الذي بدأه بخماسيته الشرفات في 2005، وتتضمن شرفة الهذيان، وشرفة رجل الثلج، وشرفة العار، وشرفة الهاوية، وشرفة الفردوس، وانتقد فيها وضع العالم العربي على المستوى السياسي والاجتماعي، ليس بطريق مباشر لكن بالرموز، والعلاقة بين المسجون والجلاد، وكيف يمكن أن يُخطئ الإنسان شبيهه ويظنه قاتله؟ ويُخطئ قاتله ويظنه شبيهه؟ في خروج عن المأساة الشخصية إلى المأساة البشرية جميعها.
“حرب الكلب الثانية” قُدّمت لأول مرة عام 2016 عن “الدار العربية للعلوم” ناشرون في بيروت، وحازت على الجائزة العالمية للرواية العربية لعام 2018، وهي النسخة العربية لجائزة “بوكر” العالمية للرواية.
الجدير بالذكر أن إبراهيم نصر الله، كاتب وشاعر وأديب من مواليد الأردن عام 1954م من أبوين فلسطينيين، هاجرا من قرية البريج على بعد 28 كم غربي القدس عام 1948م، وله عدد كبير من المؤلفات منها أرواح كلمينجارو وحارس المدينة الضائعة والملهاة الفلسطينية.