حالات فوق الريح وأخرى فوق السماء
محمد بوعجيلة
في مرحلة الابتدائية، قالت لي إحدى الفتيات “نحن حالتنا فوق الريح”، التعبير يبدو ساحرًا بالنسبة لي، تخيلتهم يعيشون فوق السحاب، ربما بسبب تأثير دعايات “فيلادلفيا” في وقتها.
لا أعرف حقيقة، ما الرابط بين الريح وبين السحاب، لكنني فجأة تذكرت بيتنا، وقلت في نفسي، لهذا السبب تقع الصحون المرتبة على نافذة المطبخ، ترتفع الحصيرة من أمام الباب، ولهذا أيضا وقع سور بيتنا بالكامل، ربما لأن حالتنا تحت الريح، فسّرت ذلك بطرق غريبة، وصارت كلما جائتنا رياح قوية، أتخيل فجأة تلك الفتاة، وكلماتها تصدح في رأسي مرات عديدة كصدى صوت “نحن حالتنا فوق الريح”، أتخيل وهم يتحدّون الريح، كون أن حالتهم فوقها، ثم أقول، كيف يعيش هؤلاء؟ وهم لا يسمعون صوت الريح، صراخ النوافذ، ولا تدخل بيوتهم حتى رياح بحرية في الصيف، وأقول ربما المكيفات التي في بيوتهم، نوافذ الألومنيوم المتينة، لهذا السبب، لا تطير جواربهم في الهواء، ويصِير أحدهم يبحث عن القطعة المفقودة، ثم أقول، “الله تخيل تعيش وحالتك فوق السحاب، أو فوق السماء مثلا”.
أمر مضحك حقا .. بعد فترة، اتضح لي المعنى، رغم كل ذلك لم أغير رؤيتي للمشهد، فالناس الذين يعيشون تحت الريح، يصنعون زوايا دافئة في البيت، نكاية في الريح، الريح التي عادة ما تُفسد عليهم شتائهم، تفسد زواياهم الدافئة.
ذات يوم أذكر حادثة للرياح تسببت في وقوع خزان المياه فوق صفيح بيت أحدهم، وقع الخزان وسقف الصفيح على طفلهم الوحيد، وصارت روح الطفل فوق السماء.