توفيق وسامي.. ذكرى اقتناص الإرهاب لدعاة السلام
تقرير | 218
صغر سنهما لم يمنعهما من خوض تجربة العمل المدني، لكن لسوء حظهما وحظ ليبيا (ربما) خاضا التجربة في أوج وعنفوان الجماعات المتشددة في مدينة بنغازي، إنهما الناشطان المدنيان توفيق بن سعود وسامي الكوافي اللذان اغتيلا بسلاح الغدر في الـ19 من سبتمبر عام 2014 عندما قام مسلحون يقتادون 3 سيارات بإطلاق الرصاص عليهما لتنطفئ شمعة شابين فارقا الدنيا دون بلوغ سن العشرين، ودون مزيد من التأثير في مضمار العمل المدني.
يوم مقتلهما كانت بنغازي تشهد مخاضاً عسيراً، فالاشتباكات العنيفة بين وحدات الجيش مدعومة بشباب المناطق وبين الخليط الأيديولوجي الذي تصدره أنصار الشريعة كانت ترتعش على إثرها منطقة بنينة التي شهدت ملاحم ستكتب حتماً في بطون الكتب التي توثق اللحظة.
فارق توفيق بن سعود ومعه سامي الكوافي الحياة بعد أن اكتسبا سريعاً ثقافة العمل المدني، وبعد أن طبقاه في عديد المناسبات، منها جمعة إنقاذ بنغازي، وحراك لا للتمديد، ومظاهرات الجيش والشرطة، والدعوة إلى احترام المبادئ الإنسانية وحقوق الإنسان.
توفيق وسامي دُعِيَا مع آخرين إلى دولة مدنية، وطبّقا على أرض الواقع جانباً منها في وقت كانت فيه شعارات مدنية الدولة هرطقة وكفراً بالله والثورة، اليوم تغيرت الموازين، وصارت جملة الدولة المدنية علكة في أفواه المتقاطعين مع التشكيلات المسلحة، وصار رفقاء توفيق وسامي من دعاة الديكتاتورية وعسكرة الدولة وإجهاض حلم فبراير.
مات سامي ومات توفيق، لكن منطلقات العمل المدني ما تزال ثابتةً، ومنطلقات توفيق وسامي ما تزال مغروسة في نفوس كثيرين يتوقون إلى رؤية دولة القانون لا دولة الغاب.